شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٢٧٩
يجوز اتصافه بها وبضدها أزلا وأبدا.
فان قلت: حب خير نظام الوجود لا بمعنى ميل القلب إليه لاستحالته فيه بل بمعنى العلم به وبإفاضته في وقته من صفاته الذاتية التي لا تفارق الذات في مرتبتها.
قلت: نعم ولكن المراد بالحب والبغض هنا نفس الفعل، أعني الإحسان والإكرام والعقوبة والانتقام كما أشرنا إليه آنفا.
(ويقال في الدعاء اللهم ارض عني ولا تسخط علي وتولني ولا تعادني) استشهاد لما ذكره، وفيه دلالة على ما قلنا من أن المراد بالحب والرضا نفس الفعل أعني الإحسان والإكرام دون العلم الأزلي بالخيرات وبإفاضتها في أوقاتها وأشار إلى الطريق الثاني للفرق بين الصفات الذاتية والصفات الفعلية بقوله (ولا يجوز أن يقال يقدر أن يعلم (1) ولا يقدر أن لا يعلم) «ولا يقدر» عطف على «يقدر» «ولا» لتأكيد النفي يعني أن الصفات الذاتية هي التي لا يتعلق بها القدرة بخلاف الصفات الفعلية، فلا يجوز أن يقال: يقدر أن يعلم ويقدر أن لا يعلم لان العلم من صفاته الذاتية التي هي عين ذاته فوجوده واجب بالذات وعدمه ممتنع ولا يتعلق القدرة بشيء منهما، وقس عليه حال نظايره الآتية.
(ويقدر أن يملك ولا يقدر أن لا يملك) أي لا يجوز أن يقال: يقدر أن يملك ويقدر أن لا يملك لأنه مالك لم يزل كما مر وكل ما كان لم يزل لا يكون مقدورا (ويقدر أن يكون عزيزا حكيما ولا يقدر أن لا يكون عزيزا حكيما، ويقدر أن يكون جوادا ولا يقدر أن لا يكون جوادا، ويقدر أن يكون غفورا ولا يقدر أن لا يكون غفورا) فان: قلت كما لا يجوز أن يقال يقدر أن يكون جوادا ويقدر أن لا يكون جوادا ويقدر أن يكون غفورا ويقدر أن لا يكون غفورا كذلك لا يجوز أن يقال يقدر أن يكون مريدا للخير مؤثرا إياه مختارا لإفاضته ويقدر أن لا يكون مريدا للخير مؤثرا إياه مختارا لإفاضته ويقدر أن يكون مريدا للجود مؤثرا إياه ويقدر أن لا يكون مريدا للجود مؤثرا إياه، ويقدر أن يكون مريدا

1 - «ولا يجوز أن يقال يقدر أن يعلم» قال صدر المتألهين (رحمه الله) إشارة إلى وجه آخر في بيان الفرق بين صفة الذات وصفة الفعل وهو أن القدرة صفة ذاتية تتعلق بالممكنات لا غير ونسبتها بما هي قدرة إلى طرفي الشيء الممكن على السواء فلا يتعلق بالواجب ولا بالممتنع فكل ما هو صفة الذات فهو أزلي غير مقدور، وكلما هو صفة الفعل فهو ممكن مقدور وبهذا يعرف الفرق بين الصفتين انتهى.
وقال المجلسي (رحمه الله): الثاني ما أشار إليه بقوله ولا يجوز أن يقال بقدر أن يعلم. والحاصل أن القدرة صفة ذاتية تتعلق بالممكنات لا غير ولا تتعلق بالواجب ولا بالممتنع فكل ما هو صفة الذات فهو أزلي غير مقدور وكلما هو صفة الفعل فهو ممكن مقدور، وبهذا يعرف الفرق بين الصفتين انتهى. وهو عبارة صدر المتألهين بعينها حذف منه جملة واحدة وهي قوله «ونسبتها بما هي قدره آه» ولم ينسبه إليه لذلك. (ش)
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»
الفهرست