للمغفرة مؤثرا إياها ويقدر أن لا يكون مريدا للمغفرة مؤثرا إياها مع أن عدم جواز هذا القول أظهر إذ مرتبة الجود بعد مرتبة إرادته ومرتبة الغفران بعد مرتبه إرادته وما ذلك إلا. باعتبار أن إرادة الخير والجود واختيار إفاضتهما من الصفات الذاتية التي ليست بمتعلقة للقدرة فالفرق بالوجه المذكور تحكم والحق ما ذهب إليه المحققون من أن إرادته تعالى من الصفات الذاتية الملحوظة في مرتبة الذات مثل العلم بل هي نفس العلم بالخيرات.
قلت: إن أردت بالإرادة في قولك «لا يجوز أن يقال يقدر أن يكون مريدا للخير - إلى آخره» الإرادة القديمة التي هي نفس العلم بالخيرات التي لنظام الوجود فالأمر كما ذكرت من عدم جواز هذا القول ولكن الظاهر أن كلام المصنف ليس في الإرادة القديمة كيف وهو لا ينكر علمه تعالى بالخيرات، والظاهر أنه لا يناقش تسميته بالإرادة وإنما كلامه في الإرادة الحادثة كما عرفت مرارا أو إن أردت بها الإرادة الحادثة فعدم جواز ذلك القول ممنوع لأن الإرادة الحادثة مما تتعلق بها القدرة فالفرق المذكور موجه تام والله أعلم.
ثم أشار إلى أن الصفات الذاتية كما لا يجوز أن تتعلق بها القدرة كذلك لا يجوز أن تتعلق بها الإرادة بقوله (ولا يجوز أيضا) كما لا يجوز أن يقال: يقدر أن يعلم ويقدر أن لا يعلم (أن يقال أراد أن يكون ربا وقديما وعزيزا وحكيما ومالكا وعالما وقادرا) (1) وأشار إلى عدم جواز هذا القول بقوله