(لأن هذه) الصفات أي الرب وما بعده (من صفات الذات) وهي حاصلة في مرتبة الذات غير منفكه عنها.
(والإرادة من صفات الفعل) أي الإرادة الحادثة التي هي إحداث الفعل وإيجاده من صفات الفعل غير حاصلة في مرتبة الذات فلا يرد أن الإرادة أيضا من صفات ذاته الحقة لأن هذه الإرادة هي الإرادة القديمة التي ليس كلام المصنف فيها.
(ألا ترى أنه يقال أراد هذا ولم يرد هذا) تنبيه على أن الإرادة من صفات الفعل لأن معيار صفات الفعل عند المصنف كما عرفت جواز اتصافه تعالى بها وبضدها في الوجود وقد تحقق هذا في الإرادة فإنه يصح أن يقال: أراد هذا الفعل لاشتماله على الخير والمصلحة ولم يرد ذلك الفعل لاشتماله على الشر والمفسدة وإذا كانت الإرادة من صفات الفعل وتلك الصفات المذكورة من صفات الذات وصفات الذات أزلية فلا يجوز أن يتعلق بها الإرادة لأنها إنما يتعلق بالأمر الحادث.
ثم أشار إلى أن صفاته الذاتية عين ذاته تعالى وأن المراد بها نفي أضدادها لا إثبات صفة له بقوله (وصفات الذات تنفي عنه بكل صفة منها ضدها) لم يرد أن إثبات كل صفة من هذه الصفات له مستلزم لنفي ضدها عنه بأن يكون هناك إثبات صريحا ونفي ضمنا لأن هذا الحكم أعني كون ثبوت وصف لأحد مستلزما لنفي ضده عنه أمر ضروري لا يحتاج إلى البيان ولأن إرادة هذا المعنى يوجب القول باختلاف المعاني وقد ثبت استحالة ذلك بالعقل والنقل بل أراد أن صفات الذات عين الذات لا زايدة عليها كما زعمه الأشاعرة والقول بعينيتها راجع إلى نفي أضدادها عنه.
(يقال حي وعالم وسميع وبصير) المراد بالسمع هو العلم بالمسموعات لا بكل شيء والمراد بالبصر هو العلم بالمبصرات لا بكل شيء فهما أخص من علمه المطلق المتعلق بجميع الأشياء، ومن قال بالإرادة وبأنها نفس العلم بما هو خير لنظام الوجود كانت الإرادة عنده أخص من العلم المطلق (وعزيز) يغلب الأشياء بالإيجاد والإفناء ولا يغلبه شيء فيذله (وحكيم) يحكم خلق الأشياء بحسن التقدير ولطف التدبير (غني) عن الغير غير مفتقر إليه (ملك) نافذ الحكم والقدرة لا يقدر شيء على صرف أمره ورد حكمه (حليم) لا يغيره جهل جاهل ولا عصيان عاص (عدل) لا يجور في الحكم ولا يميل إلى الظلم (كريم) يحسن من غير استحقاق ويعطي من غير استخفاف وإنما ترك العاطف في الخمسة الأخيرة لمجرد الاختصار أو للتحرز عن الاستثقال.
(فالعلم ضده الجهل) والمراد بكونه عالما بالأشياء أنه ليس جاهلا بشيء منها (والقدرة ضدها