(ألا ترى أنك تقول: سأفعل كذا إن شاء الله (1) ولا تقول: سأفعل كذا إن علم الله) ولو كانت المشيئة بمعنى العلم لصح هذا القول كما صح ذلك، ولما لم يصح علم أنها غيره، أما الملازمة فظاهرة وأما صحة ذلك القول فلأنه لا خلاف فيها ولأن قولك إن شاء الله دل على عدم مشيته بمعنى الإيجاد بتوسطك الفعل المطلوب بعد وإلا لكان ذلك الفعل واقعا موجودا وهو خلاف الغرض وأنت في تعلقها به في الاستقبال شاك غير عالم به.
وهذا معنى صحيح ولو قلت بدل ذلك: إن علم الله دل هذا القول على عدم تعلق علمه بذلك الفعل في الحال وعلى شكك في تعلقه به في الاستقبال وكل هذا باطل لأنك تعلم أنه لا يعزب عنه مثقال ذرة أزلا وأبدا وإلى ما ذكرنا أشار إجمالا بقوله (فقولك إن شاء الله دليل على أنه لم يشأ) أي لم يشأ ذلك الفعل المطلوب لك بعد، ووجه الدلاله أنه لو شاءه لكان موجودا لا متناع تخلف متعلق مشيته عنها وليس كذلك وإلى هذا الوجه أشار بقوله (فإذا شاء كان الذي شاء كما شاء) فالفاء للتعليل وبيان لدلالة إن شاء الله على ما مر، ويحتمل أن يكون هذا الكلام إشارة إلى شيء آخر دل عليه إن شاء الله وهو أن إن شاء الله دل على أنه لم يشأ بعد وعلى أنه إذا شاء في الاستقبال وجد ما شاء كما شاء من غير أن يتخلف عن مشيته بنحو من الأنحاء ومثل هذا المعنى الذي دل عليه إن شاء الله لا يجري في علم الله، فلا يجوز استعمال إن علم الله بدلا عنه فعلم المغايرة بين العلم والمشية.
(وعلم الله سابق المشية) يحتمل نصب المشية على المفعولية وجرها بالإضافة من باب إضافة الصفة إلى المفعول فعلى الأول سابق ماض معلوم من المسابقة، وعلى الثاني اسم فاعل من السبق.