شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٢٣٧
المذكور بعده، ولما فرغ من توبيخه بعدم علمه بقبح ما ذهب إليه أشار إلى نفي ما اعتقده بقوله (لا جسم ولا صورة ولا تحديد) وهو وإن لم يقل بالصورة والتحديد صريحا لكن يلزمه ذلك من حيث لا يعلم لأن الجسم لا يخلو عنهما.
(وكل شيء سواه مخلوق) لاستحالة أن يكون له شريك في الوجوب الذاتي فكلامه مخلوق لأنه غيره فليس الكلام مثل العلم والقدرة وسائر الصفات الذاتية، وإنما قلنا كأنه أراد بذلك كذا لأنه يحتمل أن يكون مراده بقوله عالم سميع بصير قادر متكلم ناطق أن له علما وسمعا وبصرا وقدرة وكلاما ونطقا زايدة على ذاته، بها يعلم ويسمع ويبصر ويقدر ويتكلم وينطق وأن هذه الصفات مشتركة في أنها قديمة غير مخلوقة وحينئذ قوله (عليه السلام) «وكل شيء سواه مخلوق بيان لفساد هذا القول إذ القول بزيادة الصفات لا يجامع بأنها غير مخلوقة إذ كل شيء سواه مخلوق، وآخر الحديث يناسب هذا الاحتمال وقوله (عليه السلام) «والكلام غير المتكلم» يناسب الاحتمال الأول وحمله على الاحتمال الثاني حينئذ لا يخلو من دقة وخفاء فليتأمل.
(إنما يكون الأشياء بإرادته ومشيئته) «يكون» بسكون الواو من الكون أو بكسرها وتشديدها من التكوين يعني إذا تعلقت إرادته بوجود شيء أذعن له ذلك الشئ وتحقق وجوده على غاية من السرعة بلا تخلف ولا بطؤ وما أمره في ذلك إلا واحدة كلمح بالبصر أو هو أقرب.
(من غير كلام ولا تردد في نفس ولا نطق بلسان) سيجيء أن الكلام والإرادة حادثان والمقصود هنا نفي أن تكوينه للأشياء بأن يصدر عنه الحرف والصوت وينطق بكلمة كن ونحوها لأن ذلك من صفات الخلق وهو سبحانه منزه عنها، وكلمة كن في قوله تعالى (كن فيكون) كناية عن تسخيره للأشياء وجريان حكمه في إيجادها وإحداثها وبأن يصدر عنه إرادة مترددة في النفس وتكفر في عواقب الأمور ليعلم وجوه مصالحها كإرادة أحدنا شيئا فإنها متوقف على تصور الفعل والنظر إلى مصالحه والتفكر في منافعه ليحصل اعتقاد النفع وانبعاث الشوق إلى أن يبلغ حدا يرجح الفعل منه على الترك وما ذلك إلا لنقصان العلم المنزه جناب الحق عنه، بل إرادته لإيجاد الأشياء عبارة عن إيجادها وإحداثها، ولذلك لا يلزم أن يكون محلا للحوادث مع أن الإرادة حادثة، وبالجملة فيه تنزيه له جل شأنه أن يعرض له من جهة ما هو فاعل شيء من هذه الكيفيات فإنها من عوارض
(٢٣٧)
مفاتيح البحث: الشراكة، المشاركة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»
الفهرست