شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٢٣٤
(لم يتجزء ولم يتناه ولم يتزايد ولم يتناقص) خبر آخر لهو بترك العاطف فهو تعليل ثان لما ذكر.
يعني كيف يكون جسما أو صورة والحال أنه ليس بقابل للتجزئة والتناهي والتزايد والتناقص في حد ذاته وصفاته إذ هذه الأمور من لواحق الإمكان وتوابع الحدوث ولوازم المقدار، وساحة القدس منزه عنها.
(لو كان كما يقولون) من أنه جسم أو صورة (لم يكن بين الخالق والمخلوق فرق) إذ الخالق على قولهم مثل المخلوق في الذات والصفات والاحتياج إلى المجسم والمصور والمدبر فكون أحدهما خالقا والآخر مخلوقا ليس بأولى من العكس، ويتسع حينئذ دايرة مناقشة الملاحدة، إذ لهم أن يقولوا: إذ كان هو جسما مستغنيا عن الموجد جاز استغناء غيره من الأجسام وعوارضها عن الموجد أيضا.
(ولا بين المنشئ والمنشأ) أي ولم يكن بين الموجد بلا مثال والمخلوق لا من شيء فرق وهو باطل بالضرورة (لكن هو المنشئ) (1) هذا في الحقيقة استثناء لنقيض التالي لينتج نقيض المقدم يعني لكن بين الخالق والمخلوق والمنشئ والمنشأ فرق بالضرورة والله سبحانه هو المنشئ وحده وكل ما عداه مخلوق منشأ فبطل قولهم بالتشابه المفضي إلى عدم الفرق بينهما، ثم أشار إلى دليل آخر على بطلان قولهم وعدم تحقق المشابهة بقوله (فرق بين من جسمه وصوره وأنشأه، إذ كان لا يشبهه شيء ولا يشبه هو شيئا) «فرق» ماض معلوم من الفرق أو من التفريق و «إذ» ظرف للفرق

1 - قوله «لكن هو المنشئ» الأوضح في معنى العبارة أن يعود الضمير إلى الجسم والمنشأ بصيغة اسم المفعول يعني لكن الجسم منشأ وفرق بينه وبين من أنشأه وجسمه وصوره ويلزمه حذف كلمة «بينه» للوضوح وهذا تفسير صدر المتألهين وعلى هذا فقوله (عليه السلام) فرق بصيغة المصدر وعلى تفسير الشارح ضمير هو يرجع إلى الله تعالى والمنشئ بصيغة اسم الفاعل يعني أن الله تعالى هو المنشئ، و «فرق» بصيغة الماضي والمعنى أنه تعالى ميز بين الأجسام والصور بين كل واحد من أفرادها وهو معنى لطيف جدا إلا أن إطلاق ما هنا كان أنسب من كلمة من بأن يقول فرق بين ما جسم وما صور وما صور وما أنشأ وكأنه أريد بما جسم الماديات وبما صور المثاليات والبرزخيات وبما أنشأ مطلق الموجودات الشامل للمجردات المحضة وتقريب الاستدلال أن الذي أنشأ الأمور المتباينة كالجسم والصورة والمجرد يجب أن يكون نسبته إلى جميعها نسبة واحدة، وقال بعض الشارحين هذا رد على بني العباس وأتباعهم حيث نسبوا الأفاعيل السفلية إلى العقل الفعال وهو عجيب. (ش)
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»
الفهرست