صفاته عين ذاته فهو ناظر إلى الأحد.
(ولا هو في خلقه) لما مر من أن حلوله في شيء هو حصوله فيه على سبيل التبعية وهو مستلزم لافتقاره إلى المحل وأنه على الواجب بالذات محال وهذا من لوازم الصمد الذي هو الغني المطلق، وفيه رد على الفرق المبتدعة فإن بعضهم جوزوا حلول الحوادث فيه كالكرامية على ما هو المشهور عنهم ولهم وجوه أوهن من بيت العنكبوت، وبعضهم قالوا بحلوله في الحوادث كطائفة من المتصوفة والعيسوية وقد نقل قطب المحققين عن الرازي أنه قال: ناظرت مع بعض النصارى وقلت له: هل تعرف أن عدم الدليل لا يستلزم عدم المدلول، قال: نعم.
فقلت له: ما الدليل على أنه لم يحل في زيد وعمرو وذبابة ونملة وحل في عيسى؟ قال: لأنه وجدنا في عيسى أنه أبرء الأكمة والأبرص وأحيى الموتى ولم نجد ذلك فيما ذكرت فعلمنا أنه حل فيه ولم يحل في غيره فقلت: هذا مناف لما سلمت أن عدم الدليل لا يستلزم عدم المدلول فسكت، ثم قلت له: لقد صارت العصا في يد موسى حية عظيمة تسعى وهذا أعظم مما ذكرت في عيسى فلم لا تقول أنه حل في موسى أيضا فلم يقل شيئا.
هذا ويمكن أن يكون قوله «لا خلقه فيه ولا هو في خلقه تفسيرا لقوله «فردانيا» وبيانا له.
(غير محسوس) بالحواس الظاهرة والباطنة وقد علمت أنه منزه عن إدراكها غير مرة (ولا مجسوس) أي غير ملموس باليد لاستحالة الجسمية وتوابعها من الكيفيات الملموسة عليه.
(لا تدركه الأبصار) لأنه ليس بضوء ولا لون ولا ذي وضع ولا في جهة وقد مر وجه تخصيص عدم إدراك البصر بالذكر بعد ذكر عدم إدراك الحواس له والظاهر أن هذه الثلاثة من لوازم الأحد.
(علا) كلا شيء بالوجود الذاتي والشرف والعلية (فقرب) من كل شيء بالعلم والإحاطة لا بالمجاورة والإلصاق.
(ودنى فبعد) أي يكون في المكان، أو يتناوله المشاعر، أو يشبهه شيء، فذاته المقدسة مباينة لجميع الممكنات إذ ليس لشيء منها الدنو من كل شيء من كل وجه.