من جميع الجهات. ولما كان هنا مظنة أن يقول اليهودي كيف يكون الشيء بلا كون حادث وبلا كيف أجاب عنه (عليه السلام) على سبيل الاستيناف بقوله (يكون) أي يكون جل شأنه بلا كون حادث وبلا كيف.
(بلى يا يهودي ثم بلى يا يهودي) كرر بلى لأن بلى آلة لإثبات ما أنكره المخاطب ونفاه صريحا أو ضمنا ولما كان ما نفاه المخاطب هنا شيئين أتى (عليه السلام) بآلة الإثبات مرتين ثم أوضح ذلك بقوله (كيف يكون له قبل) يعني لا يكون له قبل فلا يكون له حدوث ولا كيف لأن الكيف من الأوصاف الحادثة التي لا يتصف بها غير الحادث وأما أنه لا قبل له فأشار إليه بقوله (هو قبل القبل بلا غاية) أي بلا نهاية في جانب الأزل.
(ولا منتهى غاية) أي لا نهاية لامتداده أو لا امتداد له نهاية (ولا غاية إليها) الإضافة بيانية والمقصود نفي الانتهاء عنه في جانب الأبد وبالجملة نفي أولا أن يكون له ابتداء، وثانيا أن يكون له امتداد ونهاية، وثالثا أن يكون له انتهاء. وبهذا ظهر أنه مباين للخلق إذ الخلق لا يخلو من هذه الأمور فلا يجوز أن يوصف بالحدوث والكيفيات التي من صفات الخلق.
(انقطعت الغايات عنده) أي ليست له تلك الغايات المذكورة على أن يكون اللام للعهد وقد مر له احتمالات اخر.
(هو غاية كل غاية) لأنه ينتهي إليه جميع الخلائق ومقاصدهم كما عرفت آنفا (فقال: أشهد أن دينك الحق) الحق الأمر الثابت المطابق للواقع وتعريفه باللام لقصد الحصر ثم أكد الحصر بقوله (وإن ما خالفه باطل) أي زايل غير مطابق للواقع والظاهر أن المراد بالدين هنا ما ذكره (عليه السلام) من العقايد الصحيحة في وصف الباري، ويحتمل أن يراد به الشريعة النبوية وحينئذ يراد ببطلان ما خالفها بطلانه بعدها لا مطلقا كما في الأول.
* الأصل:
7 - علي بن محمد رفعه، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أكان الله ولا شيء: قال: نعم كان ولا شيء قلت: فأين كان يكون؟ قال: وكان متكئا فاستوى جالسا وقال: أحلت يا زرارة وسألت عن المكان إذ لا مكان.
* الشرح:
(علي بن محمد رفعه، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أكان الله ولا شيء) قبله ومعه والاستفهام يحتمل الحقيقة والتقرير (قال: نعم كان ولا شيء قلت فأين كان يكون) كأنه لكونه في مبادي التعلم لم يقصد بذلك مجرد السؤال عن كونه تعالى في المكان بل قصد مع ذلك أن كونه ولا