شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٤٧
حيث قال: أي غير محتملة للتأدب بالآداب العقلية والنسك الإلهية والتعلم بالعلوم الحقيقية والمعارف اليقينية العلمية، والا فالقسمان مكلفان بالأوامر والنواهي الشرعية والأعمال من الصلاة والطواف والزكاة والصيام وغيرها من الأعمال البدنية. هذه عبارته، وفيه: أن القسم الثاني إذا فقد العقل كيف يكون مكلفا بهذه الأمور فتأمل.
(وجعل عز وجل سبب بقائهم) في الدنيا (أهل الصحة والسلامة وجعل بقاء أهل الصحة والسلامة بالأدب والتعليم) إذ لولا الأدب والتعليم لكانوا كلهم بمنزلة البهائم ولفات الغرض من الايجاد ولو كانوا كذلك لما بقوا طرفة عين; لأن الله تعالى لا يدع الأرض بغير عالم يعرف به الحق من الباطل (فلو كانت الجهالة جايزة) الظاهر أن الفاء للتعليل (لأهل الصحة والسلامة) ولم يجب عليهم الأدب والتعليم كما لم يجب على أهل الضرر والزمانة (لجاز وضع التكليف عنهم) كما جاز وضعه عن أهل الضرر الزمانة (وفي جواز ذلك بطلان الكتب والرسل والآداب) لأن الغرض من إنزال الكتب وإرسال الرسل وتقرير الآداب هو التلقي بما تضمنه الأول والتصديق بما جاء به الثاني وتزيين النفس وتكميلها بالثالث; ليحصل لهم بذلك نظام الدنيا وكمال الآخرة، وإذا لم يجب عليهم ذلك بطل الغرض من هذه الأمور وإذا بطل الغرض بطل هذه الأمور ولزم العبث (و في رفع الكتب والرسل والآداب) والقول ببطلانها وفسادها (فساد التدبير) أي: القول بأن ليس لهذا العالم صانع عالم مدبر يصنعه بتقدير وتدبير وعلم بعواقب الأمور من تدبر الأمر إذا نظر في إدباره أي في عواقبه (والرجوع إلى قول أهل الدهر) المنكرين للحشر والنشر وبعث الأنبياء، والقائلين بأن وجود هذا العالم وأجزائه منفعل الطبيعة بإهمال لا بعلم ولا بتدبير، ولا صنعة فيه ولا تقدير بل الأشياء تتكون من ذاتها وكانت الدنيا لم تزل ولا تزال ويقولون (إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيى وما يهلكنا إلا الدهر) وإن شئت أن تعرف جملة من تقديرات ربك وتدبيرات إلهك فعليك بمطالعة توحيد المفضل المنقول عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) وقد سمعت عمن أثق به أن السيد الجليل ابن طاووس رضي الله عنه أوصى إلى بعض أحبائه وأمره أن يطالعه ويمارسه (1) والحق أنه مع قلة حجمه كتاب يظهر لمن مارسه من العلم بالحكم الإلهية والتدبيرات الربوبية ما يكل اللسان عن وصفه، ويعجز البيان عن شرحه.
(فوجب في عدل الله وحكمته أن يحض) بالحاء المهملة والضاد المعجمة أو بالخاء المعجمة والصاد المهملة وقيل: في بعض النسخ «أن يحصر» بالحاء والصاد المهملتين والراء أخيرا أي يضيق

1 - قد أوصى السيد - رحمه الله - ولده وثمرة مهجته «محمد» بقراءة هذا الكتاب الفصل السادس عشر من كتاب كشف المحجة.
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»
الفهرست