شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٥٢
الحق في مرآة ذاته، ولا تغفل طرفة عين عن أفعاله، وصفاته; ففي كل وقت يحصل لها الشوق والسرور، والله وليها يخرجها من الظلمات إلى النور.
* الأصل:
«فأحق ما اقتبسه العاقل والتسمه المتدبر الفطن وسعى له الموفق، المصيب العلم بالدين ومعرفة ما استعبد الله به خلقه: من توحيده وشرايعه وأحكامه وأمره ونهيه وزواجره وآدابه، إذ كانت الحجة ثابتة والتكليف لازما والعمر يسيرا والتسويف غير مقبول والشرط من الله جل ذكره فيما استعبد به خلقه أن يؤدوا به جميع فرائضه بعلم ويقين وبصيرة ليكون المؤدي لها محمودا عند ربه مستوجبا لثوابه وعظيم جزائه، لأن الذي يؤدي بغير علم وبصيرة لا يدري ما يؤدي ولا يدري إلى من يؤدي. وإذا كان جاهلا لم يكن على ثقة مما أدى، و لا مصدقا. لأن المصدق لا يكون مصدقا حتى يكون عارفا بما صدق به من غير شك ولا شبهة، لأن الشاك لا يكون له من الرغبة والرهبة والخضوع والتقرب مثل ما يكون من العالم المستيقن وقد قال الله عز وجل: «الا من شهد بالحق وهم يعلمون» فصارت الشهادة مقبولة لعلة العلم بالشهادة، ولولا العلم بالشهادة لم تكن الشهادة مقبولة، والأمر في الشاك المؤدي بغير علم وبصيرة إلى لله جل ذكره إن شاء تطول عليه فقبل عمله وإن شاء رد عليه، لأن الشرط عليه من الله أن يؤدي المفروض بعلم وبصيرة ويقين كيلا يكونوا ممن وصفه الله فقال تبارك وتعالى: (ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين) لأنه كان داخلا فيه بغير علم ولا يقين فلذلك صار خروجه بغير علم ولا يقين وقد قال العالم (عليه السلام): «من دخل في الإيمان بعلم، ثبت فيه ونفعه إيمانه، ومن دخل فيه بغير علم خرج منه كما دخل فيه». وقال (عليه السلام): «من أخذ دينه من كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) زالت الجبال قبل أن يزول، ومن أخذ دينه من أفواه الرجال ردته الرجال». وقال (عليه السلام) «من لم يعرف أمرنا من القرآن لم يتنكب الفتن».
* الشرح:
(فأحق ما اقتبسه) العاقل من المؤدب والدليل، يقال: اقتبست منه علما أي استفدته (و التمسه) أي طلبه بالمسئلة والسؤال (المتدبر الفطن وسعى له الموفق المصيب العلم بالدين ومعرفة ما استعبد الله به خلقه) إذ بهذين العلمين يخرج الخلق من ظلمات الجهالة ويعلمون كيفية الخروج عن غشاوة الغواية والضلالة، وبذلك يحصل لهم إصابة قرب رب العالمين ورفاقة من أنعم الله عليه من الأنبياء والملائكة المقربين وحسن أولئك رفيقا. (من توحيده) بيان للدين أي العلم بالدين هو
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»
الفهرست