شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٢١٩
وبين زيادة الصغر وزيادة الكبر وتوسط الأنف بين زيادة الطول وزيادة القصر وبين صغر الحجم وكبره وعلى هذا القياس في ساير الأعضاء كذلك لتلك الصورة الباطنة التي هي صورة القلب أركان مثل القوة الناطقة والقوة الغضبية والقوة الشهوية ولا يوصف تلك الصورة بالحسن والقبول ما لم يحسن جميع هذه الأركان ولم يتوسط بين الافراط والتفريط على ما ذكرنا، وتارة أخرى بالمزاج، فإن تلك الصورة الباطنة بالنسبة إلى القلب كالمزاج بالنسبة إلى البدن فكما أن اعتدال المزاج واستقامته أعني الصحة والسلامة تتوقف على زوال الأمراض البدنية كلها كذلك اعتدال تلك الصورة واستقامتها يتوقف على زوال الأمراض القلبية التي هي الأخلاق الذميمة الواقعة في طرفي الافراط والتفريط لأن الأخلاق الذميمة علة مسرية ينجر بعضها إلى بعض والنجاة في النشأتين وحسن القبول في الدارين والتعشق عند الباري جل شأنه وتسخير عالم الملك والملكوت لا تحصل إلا بزوال جميعها، ومن ههنا ظهر سر قولهم: «خير الأمور أوسطها».
(والرضا وضده السخط) في باب الرضا بقضاء الله تعالى أخبار كثيرة فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: «نعم القرين الرضا بقضاء الله) (1) وعن ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «أوحى الله إلى موسى صلوات الله عليه إنك لن تتقرب إلي بشئ أحب إلي من الرضا بقضائي» (2) في الحديث القدسي «من لم يرض بقضائي ولم يصبر على بلائي ولم يشكر على نعمائي فليعبد ربا سوائي، وليخرج من أرضي وسمائي» واختلفوا في تفسيره فقيل: هو رفع الاختيار، وقيل: هو سكون النفس تحت مجاري القدر، وقيل: هو السرور بمر القضاء. وقال الأرجواني: عرفت طرفا من الرضا لو أدخلني النار كنت به راضيا.
وقيل: هو سكون القلب إلى أحكام الله تعالى، وموافقة الضمير بما رضي واختار.
وقيل: هو فرح القلب وسروره بنزول الأحكام في الحلو والمر: قال عياض: الأولان تعريف لمبدئه والثالث تعريف لمنتهاه وفي الرابع نظر، والخامس قريب من الثاني، والسادس قريب من الثالث.
وقال ذو المفاخر صاحب العدة رحمه الله: سأل النبي (صلى الله عليه وآله) جبرئيل (عليه السلام) عن تفسير الرضا فقال «الراضي هو الذي لا يسخط على سيده أصاب من الدنيا أو لم يصب، ولا يرضى من نفسه باليسير» واعلم أيها اللبيب أن الرضا من أعلى منازل المقربين وأقصى مراتب السالكين فإنه ثمرة

1 - النهج أبواب الحكم تحت رقم 4.
2 - لم أجده من حديث ابن عباس ورواه الكليني في الكافي كتاب الايمان والكفر باب الرضا بالقضاء تحت رقم 7 من حديث أبي عبد الله (عليه السلام) بنحو أبسط.
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»
الفهرست