شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ١٣٧
الحق بوجه من الوجوه (يقولون آمنا به) أي بالكتاب الذي منه آيات محكمات هن أم الكتاب واخر متشابهات أو بالمتشابه وهو كلام يحتمل وجوها متعددة لا يتضح المقصود منه لإجمال أو مخالفة ظاهر إلا بالفحص الشديد والنظر الدقيق.
والمحكم كلام لا يحتمل إلا وجها واحدا (كل من عند ربنا) أي كل واحد من المحكم والمتشابه نزل من عند ربنا وهذا كالتأكيد للسابق فلذا فصل عنه (وما يذكر إلا أولو الألباب) أي وما يعلم المتشابه إلا الكاملون في العقول وهم الراسخون في العلم أو وما يعلم الراسخين في العلم وهم النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة الطاهرون (عليهم السلام) وما يذكر أحوالهم إلا اولو الألباب الذين هم شيعتهم.
روى أبو بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «نحن الراسخون في العلم ونحن نعلم تأويله» (1) وروى عبد الله بن بكير عنه (عليه السلام) قال: «الراسخون في العلم أمير المؤمنين والأئمة» (عليهم السلام) (2) وروى بريد بن معاوية عن أحدهما (عليهما السلام) «أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أفضل الراسخين في العلم قد علمه الله جميع ما أنزله عليه من التنزيل والتأويل وما كان لينزل عليه شيئا لم يعلمه تأويله وأوصياؤء من بعده يعلمونه كله الحديث (3)» روى جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله الله تعالى (هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب) (4) قال أبو جعفر (عليه السلام) (إنما نحن الذين يعلمون والذين لا يعلمون عدونا وشيعتنا أولو الألباب).
وقال (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات) أي لعلامات ظاهرة وأدلة واضحة على وجود الصانع ووحدته وقدرته وحكمته وتدبيره (لاولى الألباب) أي لذوي العقول الثاقبة والبصاير النافذة لأنهم لصفاء ضمايرهم ونور بصايرهم هم القادرون على التفكر في خلق السماوات وما فيها من الثوابت والسيارات وحركاتها شرقا وغربا جنوبا وشمالا إجتماعا وافتراقا إلى غير ذلك من أحوال السماء والسماويات وما يترتب عليها من المنافع والمصالح، وفي خلق الأرض وما فيها وما عليها من أنواع المعادن والنباتان والحيوانات ومنافعها وفي اختلاف الليل والنهار وتعاقبهما وتفاوتهما في الزيادة والنقصان وفوايدها وعلى الاستدلال بهذه الأمور وأمثالها مما لا يحصى على أن لها صانعا لطيفا عليما خبيرا حكيما قادرا موجدا لها بمجرد إرادته ومشيته بلا مشاركة ولا معاونة وأما غيرهم ممن ضعف ضمائرهم وعمت بصايرهم فهم إنما ينظرون إليها نظر البهائم ويدركون منها ما يدركه المعلوفة والسوائم، ذاهلين عما فيها من عجائب الفطر ولطائف

1 - (1 و 2 و 3) الكافي كتاب الحجة باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة عليهم السلام.
2 - 3 - 4 - رواه البرقي في المحاسن ص 169، وسيأتي في كتاب الحجة باب من وصفه الله بالعلم.
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»
الفهرست