قال ابن الملك: صف لي الله سبحانه وتعالى حتى كأني أراه، قال: إن الله تقدس ذكره لا يوصف بالرؤية، ولا يبلغ بالعقول كنه صفته، ولا تبلغ الألسن كنه مدحته، ولا يحيط العباد من علمه إلا بما علمهم منه على ألسنة أنبيائه عليهم السلام بما وصف به نفسه، ولا تدرك الأوهام عظم ربوبيته، هو أعلى من ذلك و أجل وأعز وأعظم وأمنع وألطف، فباح للعباد من علمه بما أحب، وأظهرهم من صفته على ما أراد، ودلهم على معرفته ومعرفة ربوبيته بإحداث ما لم يكن، و إعدام ما أحدث.
قال ابن الملك: وما الحجة؟ قال: إذا رأيت شيئا مصنوعا غاب عنك صانعه علمت بعقلك أن له صانعا، فكذلك السماء والأرض وما بينهما، فأي حجة أقوى من ذلك.
قال ابن الملك: فأخبرني أيها الحكيم أبقدر من الله عز وجل يصيب الناس ما يصيبهم من الأسقام والأوجاع والفقر والمكاره أو بغيره قدر.
قال بلوهر: لا بل بقدر، قال: فأخبرني عن أعمالهم السيئة، قال: إن الله عز وجل من سيئ أعمالهم برئ ولكنه عز وجل أوجب الثواب العظيم لمن أطاعه والعقاب الشديد لمن عصاه.
قال: فأخبرني من أعدل الناس، ومن أجورهم، ومن أكسيهم ومن أحمقهم، ومن أشقاهم ومن أسعدهم؟ قال: أعدلهم أنصفهم من نفسه وأجورهم من كان جوره عنده عدلا وعدل أهل العدل عنده جورا، وأما أكسيهم فمن أخذ لآخرته أهبتها (1) وأحمقهم من كانت الدنيا همه، والخطايا عمله، وأسعدهم من ختم عاقبة عمله بخير، وأشقاهم من ختم له بما يسخط الله عز وجل.
ثم قال: من دان الناس بما إن دين بمثله هلك فذلك المسخط لله، المخالف لما يحب، ومن دانهم بما إن دين بمثله صلح فذلك المطيع لله الموافق لما يحب