يقول: سيدي غيبتك نفت رقادي، وضيقت علي مهادي، وابتزت مني راحة فؤادي سيدي غيبتك أوصلت مصابي بفجايع الأبد وفقد الواحد بعد الواحد يفنى الجمع والعدد، فما أحس بدمعة ترقى من عيني وأنين يفتر من صدري (1) عن دوارج الرزايا وسوالف البلايا إلا مثل بعيني عن غوابر أعظمها وأفظعها، وبواقي أشدها وأنكرها (2) ونوائب مخلوطة بغضبك، ونوازل معجونة بسخطك.
قال سدير: فاستطارت عقولنا ولها، وتصدعت قلوبنا جزعا من ذلك الخطب الهائل، والحادث الغائل (3)، وظننا أنه سمت لمكروهة قارعة (4)، أو حلت به من الدهر بائقة، فقلنا: لا أبكى الله يا ابن خير الورى عينيك من أية حادثة تستنزف دمعتك (5) وتستمطر عبرتك؟ وأية حالة حتمت عليك هذا المأتم؟.
قال: فزفر (6) الصادق عليه السلام زفرة انتفخ منها جوفه، واشتد عنها خوفه، و قال: ويلكم (7) نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا والرزايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة الذي خص الله به محمدا والأئمة من بعده عليهم السلام، وتأملت منه مولد غائبنا وغيبته وإبطاءه وطول عمره وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان، وتولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته وارتداد أكثرهم عن دينهم،