فإننا نجد دول الاستعمار الطامعة في استعباد جميع المسلمين، وفي ردهم عن دينهم يخصصون من أموال دولهم سهما، للمؤلفة قلوبهم من المسلمين، فمنهم من يؤلفونه لأجل تنصيره، وإخراجه من حظيرة الاسلام، ومنهم من يؤلفونه لأجل الدخول في حمايتهم ومشاقة الدول الاسلامية، والوحدة الاسلامية، أفليس المسلمون أولى بهذا منهم؟
4 - قوم من المسلمين يحتاج إليهم لجباية الزكاة، وأخذها ممن لا يعطيها إلا بنفوذهم وتأثيرهم - إلا أن يقاتلوا، فيختار بتأليفهم وقيامهم بهذه المساعدة للحكومة أخف الضررين، أرجح المصلحتين.
وأما الكفار فهم قسمان:
1 - من يرجى إيمانه بتأليفه، مثل صفوان بن أمية، الذي وهب له النبي صلى الله عليه وسلم الأمان يوم فتح مكة، وأمهله أربعة أشهر لينظر في أمره ويختار لنفسه، وكان غائبا، فحضر وشهد مع المسلمين غزوة حنين قبل إسلامه. وكان النبي صلى الله عليه وسلم استعار سلاحه منه لما خرج إلى حنين، وقد أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم إبلا كثيرة محملة، كانت في واد فقال:
هذا عطاء من لا يخشى الفقر. وقال: والله لقد أعطاني النبي صلى الله عليه وسلم وإنه لأبغض الناس إلي، فما زال يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي.
2 - من يخشى شره، فيرجى بإعطائه كف شره.
قال ابن عباس: إن قوما كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم، فإن أعطاهم، مدحوا الاسلام، وقالوا: هذا دين حسن، وإن منعهم، ذموا، وعابوا.
وكان من هؤلاء أبو سفيان بن حرب، والأقرع بن حابس، وعيينة ابن حصن، وقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم كل واحد من هؤلاء، مائة من الإبل.
وذهبت الأحناف: إلى أن سهم المؤلفة قلوبهم قد سقط بإعزاز الله لدينه، فقد جاء عيينة بن حصن، والأقرع بن حابس، وعباس بن مرداس، وطلبوا من أبي بكر نصبهم، فكتب لهم به، وجاءوا إلى عمر، وأعطوه الخط، فأبى ومزقه، وقال: هذا شئ كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطيكموه،