تأليفا لكم على الاسلام، والآن قد أعز الله الاسلام، وأغنى عنكم، فإن ثبتم على الاسلام، وإلا فبيننا وبينكم السيف (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) فرجعوا إلى أبي بكر رضي الله عنه، فقالوا: الخليفة أنت أم عمر؟ بذلت لنا الخط فمزقه عمر، فقال: هو إن شاء.
قالوا: إن أبا بكر وافق عمر، ولم ينكر أحد من الصحابة كما أنه لم ينقل عن عثمان وعلي أنهما أعطيا أحدا من هذا الصنف. ويجاب عن هذا: بأن هذا اجتهاد من عمر، وأنه رأى أنه ليس من المصلحة إعطاء هؤلاء، بعد أن ثبت الاسلام في أقوامهم، وأنه لا ضرر يخشى من ارتدادهم عن الاسلام.
وكون عثمان وعلي لم يعطيا أحدا من هذا الصنف، لا يدل على ما ذهبوا إليه، من سقوط سهم المؤلفة قلوبهم، فقد يكون ذلك لعدم وجود الحاجة إلى أحد من الكفار، وهذا لا ينافي ثبوته، لمن احتاج إليه من الأئمة، على أن العمدة في الاستدلال هو الكتاب والسنة فهما المرجع الذي لا يجوز العدول عنه بحال.
وقد روى أحمد، ومسلم عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يسأل شيئا على الاسلام إلا أعطاه، فأتاه رجل فسأله، فأمر له بشاء كثير، بين جبلين، من شاء الصدقة، فرجع إلى قومه فقال، يا قوم أسلموا، فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة.
قال الشوكاني: وقد ذهب إلى جواز التأليف العترة والجباني، والبلخي، وابن مبشر (1).
وقال الشافعي: لا تتألف كافرا، فأما الفاسق فيعطى من سهم التأليف.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: قد سقط بانتشار الاسلام وغلبته، واستدلوا على ذلك، بامتناع أبي بكر من إعطاء أبي سفيان، وعيينة، والأقرع، وعباس ابن مرداس.
والظاهر جواز التأليف عند الحاجة إليه. فإذا كان في زمن الامام قوم لا يطيعونه إلا للدنيا، ولا يقدر على إدخالهم تحت طاعته إلا بالقسر (2) والغلب