وليس هناك فرق بين الفقراء، وبين والمساكين، من حيث الحاجة والفاقة ومن حيث استحقاقهم الزكاة، والجمع بين الفقراء والمساكين في الآية، مع العطف المقتضي للتغاير، لا يناقض ما قلناه، فإن المساكين - وهم قسم من الفقراء - لهم وصف خاص بهم، وهذا كاف في المغايرة.
فقد جاء في الحديث، ما يدل على أن المساكين هم الفقراء الذين يتعففون عن السؤال، ولا يتفطن لهم الناس فذكرتهم الآية، لأنه ربما لا يفطن إليهم، لتجملهم.
فعن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان، ولا اللقمة واللقمتان، إنما المسكين الذي يتعفف، اقرءوا إن شئتم: " لا يسألون الناس إلحافا " وفي لفظ: " ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غني يغنيه، ولا يفطن له، فيصدق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس ". رواه البخاري، ومسلم.
مقدار ما يعطى الفقير من الزكاة:
من مقاصد الزكاة كفاية الفقير وسد حاجته، فيعطى من الصدقة، القدر الذي يخرجه من الفقر إلى الغني، ومن الحاجة إلى الكفاية، على الدوام، وذلك يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص.
قال عمر رضي الله عنه: إذا أعطيتم فأغنوا. يعني في الصدقة.
وقال القاضي عبد الوهاب: لم يحد مالك لذلك حدا، فإنه قال:
يعطي من له المسكن، والخادم، والدابة الذي لا غنى له عنه.
وقد جاء في الحديث ما يدل على أن المسألة تحل للفقير حتى يأخذ ما يقوم بعيشه، ويستغني به مدى الحياة.
فعن قبيصة بن مخارق الهلالي قال: تحملت حمالة (1) فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها، فقال: " أقم حتى تأتينا الصدقة، فتأمر لك بها "، ثم قال: " يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لاحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة