بالخرص دون الكيل، وذلك بأن يحصي الخارص الأمين العارف، ما على النخيل، والأعناب، من العنب والرطب، ثم يقدره تمرا وزبيبا، ليعرف مقدار الزكاة فيه، فإذا جفت الثمار أخذ الزكاة التي سبق تقديرها منها.
فعن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك، فلما جاء وادي القرى، إذا امرأة في حديقة لها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اخرصوا، وخرص رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة أوسق، فقال لها: أحصي ما يخرج منها) رواه البخاري.
هذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمل أصحابه من بعده وإليه ذهب أكثر أهل العلم (1).
وخالف في ذلك الأحناف: لان الخرص ظن وتخمين، لا يلزم به حكم.
وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى، فإن الخرص ليس من الظن في شئ، بل هو اجتهاد في معرفة قدر الثمر، كالاجتهاد في تقويم المتلفات.
وسبب الخرص، أن العادة جرت بأكل الثمار رطبا، فكان من الضروري إحصاء الزكاة قبل أن تؤكل وتصرم (2) ومن أجل أن يتصرف أربابها بما شاءوا، ويضمنوا قدر الزكاة.
وعلى الخارص، أن يترك في الخرص الثلث، أو الربع، توسعة على أرباب الأموال، لأنهم يحتاجون إلى الاكل منه، هم وأضيافهم وجيرانهم.
وتنتاب الثمرة النوائب من أكل الطير والمارة وما تسقطه الريح، فلو أحصي الزكاة من الثمر كله، دون استثناء الثلث، أو الربع، لأضر بهم.
فعن سهل بن أبي حثمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع (3)) رواه أحمد، وأصحاب السنن، إلا ابن ماجة. ورواه الحاكم، وابن حبان وصححاه.
قال الترمذي: والعمل على حديث سهل، عند أكثر أهل العلم.