ان الحاكم إنما حبسه بحق لكن يسار المحبوس بم حبست؟ ولا يخلو جوابه من خمسة أقسام (أحدها) أن يقول حبسني بحق له حال انا ملئ به فيقول له الحاكم اقضه والا رددتك إلى الحبس (الثاني) ان يقول له على دين انا معسر به فيسأل خصمه فإن صدقه فلسه الحاكم وأطلقه وان كذبه نظر في سبب الدين فإن كان سببا حصل له به مال كقرض أو شراء لم يقبل قوله في الاعسار إلا ببينة بان ماله تلف أو نفد أو ببينة انه معسر فيزول الأصل الذي ثبت ويكون القول قوله فيما يدعيه عليه من المال، وان لم يثبت له أصل مال ولم يكن لخصمه بينة بذلك فالقول قول المحبوس مع يمينه انه معسر لأن الأصل الاعسار، وان شهدت لخصمه بينة بان له مالا لم تقبل حتى يبين ذلك المال بما يتميز به فإن شهدت عليه البينة بدار معينة أو غيرها فصدقها فلا كلام وان كذبها وقال ليس هذا لي وإنما هو في يدي لغيري لم يقبل الا أن يعزوه إلى معين فإن كان الذي أقر له حاضرا سئل فإن كذبه في إقراره سقط وقضى من المال دينه، وان صدقه وكانت له بينة فهو أولى لأن له بينة وصاحب اليد يقر له به وان لم تكن له بينة فذكر القاضي أنه لا يقبل قولهما ويقضي الدين منه لأن البينة شهدت لصاحب اليد بالملك فتضمنت شهادتها وجوب القضاء منه فإذا لم تقبل شهادتها في حق نفسه قبلت فيما تضمنته لأنه حق لغيره ولأنه متهم في إقراره لغيره لأنه قد يفعل ذلك ليخلص ماله ويعود إليه فتلحقه تهمة فلم تبطل البينة بقوله وفيه وجه آخر يثبت الاقرار وتسقط البينة لأنها تشهد بالملك لمن لا يدعيه وينكره
(٤٠٩)