وان لم يشأ زيد تلزمه يمين، فإن لم تعلم مشيئته لغيبة أو جنون أو موت انحلت اليمين لأنه لم يوجد الشرط، وان قال والله لا أشرب إلا أن يشاء زيد فقد منع نفسه الشرب إلا أن توجد مشيئة زيد فإن شاء فله الشرب وان لم يشأ لم يشرب، وإن خفيت مشيئته لغيبة أو موت أو جنون لم يشرب وان شرب حنث لأنه منع نفسه الا أن توجد المشيئة (1) فيكذب ولكن غفر الله له بتوحيده، وأما الافراط في الحلف فإنه إنما كره لأنه لا يكاد يخلو من الكذب والله أعلم وأما قوله تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم) فمعناه لا تجعلوا ايمانكم بالله مانعة لكم من البر والتقوى والاصلاح بين الناس وهو ان يحلف بالله أن لا يفعل برا ولا تقوى ولا يصلح بين الناس ثم يمتنع من فعله ليبر في يمينه ولا يحنث فيها فنهوا عن المضي فيها، قال احمد وذكر حديث ابن عباس باسناده في قوله تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم) الرجل يحلف أن لا يصل قربته وقد جعل الله له مخرجا في التكفير فأمره أن لا يعتل بالله وليكفر وليبر وقال النبي صلى الله عليه وسلم " لأن يستلج أحدكم في يمينه آثم له عند الله من أن يؤدي الكفارة التي فرض الله عليه " وإن كان النهي عاد إلى اليمين فالمنهي عنه الحلف على ترك البر والتقوى والاصلاح بين الناس لا على كل يمين فلا حجة فيها لهم إذا * (مسألة) * (فإن دعي إلى الحلف عند الحاكم وهو محق استحب له افتداء يمينه فإن حلف فلا بأس) قال أصحابنا تركه أولى فيكون مكروها وبه قال أصحاب الشافعي لما روي أن المقداد وعثمان تحاكما إلى عمر في مال استقرضه المقداد فجعل عمر اليمين على المقداد فردها على عثمان فقال عمر: لقد أنصفك فأخذ عثمان ما أعطاه المقداد ولم يحلف وقال خفت أن يوافق قدر بلاء فيقال بيمين عثمان. والصحيح انه لا يكره بل مباح فعله كتركه لأن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه عليه السلام بالحلف على الحق في ثلاثة
(١٨٩)