ولنا انعقاد الاجماع على الرمي بها وإباحة حملها فإن ذلك جار في أكثر الاعصار وهي التي يحصل الجهاد بها في عصرنا هذا وأما الخبر فيحتمل انه لعنها، لأن حملتها في ذلك العصر العجم ولم يكونوا أسلموا بعد ومنع العرب من حملها لعدم معرفتهم بها ولهذا أمر برماح القنا ولو حمل انسان رمحا غيرها لم يكن مذموما وحكى أحمد ان قوما استدلوا على القسي الفارسية بقوله تعالى (واعدوا لهم ما استطعتم من قوة) لدخوله في عموم الآية.
* (مسألة) * (الثالث تحديد المسافة والغاية ومدى الرمي بما جرت به العادة) يشترط في المسابقة بالحيوان تحديد المسافة وأن يكون لابتداء عدوهما وآخره غاية لا يختلفان فيها لأن الغرض معرفة اسبقهما ولا يعلم ذلك إلا بتساويهما في الغاية، لأن أحدهما قد يكون مقصرا في أول عدوه سريعا في انتهائه وبالعكس فيحتاج إلى غاية تجمع حالتيه ومن الخيل ما هو أصبر والقارح أصبر من غيره وروى ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم سبق بين الخيل وفضل القرح في الغاية، رواه أبو داود فإن استبقا بغير غاية لينظر أيهما يقف أولا لم يجز لأنه يؤدي إلى أن لا يقف أحدهما حتى تنقطع فرسه ويتعذر الاشهاد على السبق فيه، ولذلك يشترط معرفة مدى الرمي إما بالمشاهدة أو بالذرعان نحو مائة ذراع أو مائتي ذراع لأن الإصابة به نختلف بالقرب والبعد ويجوز ما يتفقان عليه إلا أن يجعلا مسافة بعيدة تتعذر الإصابة في مثلها غالبا وهو ما زاد على ثلاثمائة ذراع فلا يصح، لأن الغرض يفوت بذلك وقد قيل ما رمى في أربعمائة ذراع الا عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه.