ولنا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أميا وهو سيد الحكام وليس من ضرورة الحكم الكتابة فلا تعتبر شرطا فإن احتاج إلى ذلك جاز توليته لمن يعرفه كما أنه قد يحتاج إلى القسمة بين الناس وليس من شرطه معرفة المساحة ويحتاج إلى التقويم وليس من شروط القضاء أن يكون عالما بقيم الأشياء * (مسألة) * (والمجتهد من يعرف من كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الحقيقة والمجاز والأمر والنهي والمجمل والمبين والمحكم والمتشابه والخاص والعام والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ والمستثنى والمستثنى منه ويعرف من السنة صحيحها من سقيمها وتواترها من آحادها ومرسلها ومتصلها ومسندها ومنقطعها مما له تعلق بالأحكام خاصة وهي في كتاب الله تعالى نحو خمسمائة آية ولا يلزمه معرفة سائر القرآن، ومن السنة ما يتعلق بالأحكام دون سائر الأخبار ومن خبر الجنة والنار ونحوهما مما يتعلق بالأحكام وإنما كان المجتهد من يعرف هذه الأشياء المذكورة لأن المجتهد هو من يمكنه تعرف الصواب بدليله كالمجتهد في القبلة ومن لا يعرفه بدليله يكون مقلدا لكون يقبل قول غيره من غير معرفة بصوابه كالذي يقبل قول الدليل على الطريق من غير معرفة بصوابه وقول من يعرف جهة القبلة من غير معرفة. وأدلة الأحكام الكتاب والسنة والاجماع والقياس وجهة دلالة الكتاب والسنة من هذه الوجوه فالكلام باطلاقه يحمل على الحقيقة دون المجاز والعام الخاص إذا تعارضا قدم الخاص ويجوز تخصيص العام ولا يدخل الخاص تخصيص، والمطلق يحمل على المقيد والمقصود ان لكل واحد مما ذكرنا دلالة لا تمكن
(٣٨٩)