(فصل) ومتى انفك الحجر عنهما دفع إليهما مالهما لقول الله تعالى (فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم) فقال ابن المنذر اتفقوا على ذلك ولان منعه من التصرف إنما كان لعجزه عن التصرف حفظا لماله فإذا صار أهلا للتصرف زال الحجر لزوال سببه (فصل) ولا ينفك عنه الحجر ولا يدفع إليه ماله قبل البلوغ والرشد، ولو صار شيخا وهو قول الأكثرين قال ابن المنذر أكثر علماء الأمصار من أهل العراق والحجاز والشام ومصر يرون الحجر على كل مضيع لماله صغيرا كان أو كبيرا وبه قال القاسم بن محمد ومالك والشافعي وأبو يوسف ومحمد وروى الجوزجاني في كتابه قال: كان القاسم بن محمد يلي أمر شيخ من قريش ذي أهل ومال فلا يجوز له أمر في ماله دونه لضعف عقله قال ابن إسحاق رأيته شيخا يخضب وقد جاء إلى القاسم بن محمد فقال يا أبا محمد ادفع إلي مالي فإنه لا يولى علي مثلي فقال. إنك فاسد فقال امرأته طالق البتة وكل مملوك له حر إن لم تدفع إلي مالي، فقال القاسم بن محمد وما يحل لنا أن ندفع إليك مالك على حالك هذه فبعث إلى امرأته وقال: هي حرة مسلمة وما كنت لأحبسها عليك وقد فهت بطلاقها فأرسل إليها فأخبرها ذلك وقال أما رقيقك فلا عتق لك ولا كرامة فحبس رقيقه. وقال ابن إسحاق ما كان يعاب على الرجل الا سفهه وقال أبو حنيفة لا يدفع ماله إليه قبل خمس وعشرين سنة، وان تصرف نفذ تصرفه فإذا بلغ خمسا وعشرين سنة فك الحجر عنه ودفع إليه ماله لقول الله تعالى (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده) وهذا قد بلغ أشده ويصلح أن يكون جدا ولأنه حر بالغ عاقل مكلف فلا يحجر عليه كالرشيد ولنا قول الله تعالى (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) أي أموالهم وقوله تعالى (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم) علق الدفع على شرطين والحكم المعلق على شرطين لا يثبت بدونهما وقال تعالى (فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل) فأثبت الولاية على السفيه ولأنه مبذر فلم يجز دفع ماله إليه كمن له دون ذلك، وأما الآية التي احتجوا بها فإنما تدل بدليل خطابها وهو لا يقول به ثم هي مخصصة فيما قبل
(٥١١)