وإن كان حالا بيعت ولم يحتج إلى تجفيفها، فإن اتفقا على بيعها وجعل ثمنها رهنا بالحق المؤجل جاز وان اختلفا قدم قول من يستبقيها بعينها لأن العقد يقتضي ذلك الا أن يكون مما تقل قيمته بالتجفيف وقد جرت العادة ببيعه رطبا فيباع ويجعل ثمنه رهنا، وان اتفقا على قطع الثمرة في وقت جاز سواء كان الحق حالا أو مؤجلا، أو كان الأصلح القطع أو الترك لأن الحق لا يخرج عنهما، وان اختلفا قدم قول من طلب الأصلح إن كان ذلك قبل حلول الحق، وإن كان الحق حالا قدم قول من طلب القطع لأنه إن كان المرتهن فهو طالب لاستيفاء حقه الحال فلزم اجابته، وإن كان الراهن فهو يطلب بتبرئة ذمته وتخليص عين ملكه من الرهن والقطع أحوط من جهة أن في تبقيته غررا. ذكر القاضي هذا في المفلس وهو قول أكثر أصحاب الشافعي وهذا في معناه، ويحتمل أن ينظر في الثمرة فإن كانت تنقص بالقطع نقصا كثيرا لم يجبر الممتنع من قطعها لأن ذلك اتلاف فلا يجبر عليه كما لا يجبر على نقض داره ليبيع أنقاضها، ولا على ذبح فرسه ليبيع لحمها، فإن كانت الثمرة مما لا ينتفع بها قبل كمالها لم يجز قطعها قبله ولم يجبر عليه بحال لما فيه من إضاعة المال والله أعلم (فصل) فإن كان الرهن ماشية تحتاج إلى اطراق الفحل لم يجبر الراهن عليه لأنه ليس عليه ما يتضمن زيادة في الرهن وليس ذلك مما يحتاج إليه لبقائها ولا يمنع من ذلك لكونه زيادة لهما لا ضرر على المرتهن فيه، وان احتاجت إلى رعي فعلى الراهن أن يقيم لها راعيا لأن ذلك يجرى مجرى علفها فإن أراد الراهن السفر بها ليرعاها في مكان آخر وكان لها في مكانها مرعى تتماسك به فللمرتهن منعه لأن في السفر بها اخراجها عن نظره ويده، وان أجدب مكانها فلم تجد ما تتماسك به فللراهن السفر بها لأنها تهلك إذا لم يسافر بها الا انها تكون في يد عدل يرضيان به أو ينصبه الحاكم ولا ينفرد الراهن بها، فإن امتنع الراهن من السفر بها فللمرتهن نقلها لأن في بقائها هلاكها وضياع حقه من الرهن، وان أراد جميعا السفر بها واختلفا في مكانها قدمنا قول من يعين الأصلح فإن استويا قدم قول المرتهن، وعند الشافعي يقدم قول الراهن وإن كان الأصلح غيره لأنه أملك بها الا أنه يكون مأواها إلى يد عدل. ولنا أن اليد للمرتهن فكان أولى كما لو كانا في بلد واحد وأيهما أراد نقلها عن البلد مع خصبه لم يكن له سواء أراد نقلها إلى مثله أو أخصب منه إذ لا معنى للمسافرة بالرهن مع امكان ترك السفر به وان اتفقا على نقلها جاز سواء كان أنفع لها أولا لأن الحق لا يخرج عنهما
(٤٠٨)