وفي كل معدوم إذا كان موجودا عند المحل وهو قول مالك والشافعي وإسحاق وابن المنذر، وقال الثوري والأوزاعي وأصحاب الرأي يشترط أن يكون جنسه موجودا حال العقد إلى حال المحل لأن كل زمان يجوز أن يكون محلا للمسلم فيه لموت المسلم إليه فاعتبر وجوده فيه كالمحل. ولنا ان النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنتين والثلاث فقال " من أسلف فليسلف في كيل معلوم أو وزن معلوم إلى أجل معلوم " ولم يذكر الوجود ولو كان شرطا لذكره ولنهاهم عن السلف سنتين لأنه يلزم منه انقطاع المسلم فيه أوسط السنة ولا يثبت في الذمة ويوجد في محله غالبا أشبه الموجود ولا نسلم ان الدين يحل بالموت، وان سلمنا فلا يلزم أن يشترط ذلك الوجود إذ لو لزم أفضى إلى أن تكون آجال السلم مجهولة والمحل ما جعله المتعاقدان محلا وههنا لم يجعلاه {مسألة} (وان أسلم إلى محل يوجد فيه عاما فانقطع خير بين الصبر والفسخ والرجوع برأس ماله أو عوضه إن كان معدوما في أحد الوجهين وفي الآخر ينفسخ بنفس التعذر) وجملة ذلك أنه تعذر تسليم المسلم فيه عند محله اما لغيبة المسلم إليه أو عجزه عن التسليم حتى عدم المسلم فيه أو لم تحمل الثمار تلك السنة فالمسلم بالخيار بين الصبر إلى أن يوجد فيطالب به وبين أن يفسخ العقد ويرجع بالثمن إن كان موجودا أو بمثله إن كان مثليا وإلا قيمته، وبذلك قال الشافعي وإسحاق وابن المنذر، وفيه وجه آخر أنه ينفسخ بنفس التعذر لكون المسلم فيه من ثمرة العام بدليل وجوب التسليم منها فإذا هلكت انفسخ العقد به كما لو باعه قفيزا من صبرة فهلكت والأول أصح فإن العقد قد صح وإنما تعذر التسليم فهو كمن اشترى عبدا فابق قبل القبض، ولا يصح دعوى التعيين في هذا العام، فإنهما
(٣٣٣)