قال رحمه الله تعالى (فصل) (الرابع أن يشترط أجلا معلوما له وقع في الثمن كالشهر ونحوه، فإن أسلم حالا أو إلى أجل قريب كاليوم ونحوه لم يصح) يشترط لصحة السلم كونه مؤجلا ولا يصح السلم الحال نص عليه أحمد في رواية المروذي، وبه قال أبو حنيفة ومالك والأوزاعي، وقال الشافعي وأبو ثور وابن المنذر يجوز السلم حالا لأنه عقد يصح مؤجلا فصح حالا كبيوع الأعيان، ولأنه إذا جاز مؤجلا فحالا أجوز ومن الغرر أبعد ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " من أسلف في شئ فليسلف في كيل معلوم أو وزن معلوم إلى أجل معلوم " فأمر بالأجل والامر يقتضي الوجوب، ولأنه أمر بهذه الشروط تبيينا لشروط السلم ومنعا منه بدونها، ولذلك لا يصح إذا انتفى الكيل والوزن فكذلك الاجل، ولأنه إنما جاز رخصة للمرفق ولا يحصل المرفق الا بالأجل، فإذا انتفى الاجل انتفى المرفق فلا يصح الكتابة، ولان الحلول يخرجه عن اسمه ومعناه أما الاسم فإنه سمي سلما وسلفا لتعجل أحد العوضين وتأخر الآخر ومعناه ما ذكرناه في أول الباب من أن الشارع رخص فيه من اجل الحاجة الداعية إليه ومع حضور ما يبيعه حالا لا حاجة إلى السلم فلا يثبت وفارق بيوع الأعيان فإنها لم تثبت على خلاف الأصل لمعنى يختص بالتأجيل وما ذكروه من التنبيه غير صحيح لأن ذلك إنما يجري فيما إذا كان المعنى المقتضي موجودا في الفرع بصفة التأكيد وليس كذلك ههنا فإن البعد من الغرر ليس هو المقتضي لصحة السلم المؤجل وإنما المصحح له شئ آخر لم يذكر اجتماعهما فيه وقد بينا افتراقهما. إذا ثبت هذا فإنه إن باعه ما يصح السلم فيه حالا في الذمة صح ومعناه معنى السلم، وإنما افترقا في اللفظ لكن يشترط في البيع أن يكون المبيع مملوكا للبائع، فإن باعه ما ليس عنده لم يصح وقد ذكرناه (فصل) ويشترط كون الاجل مدة لها وقع في الثمن كالشهر وما قاربه، وقال أصحاب أبي حنيفة لو قدره بنصف يوم جاز، وقدره بعضهم بثلاثة أيام وهو قول الأوزاعي لأنها مدة يجوز فيها خيار الشرط وهي آخر حد القلة قالوا لأن الاجل إنما اعتبر في السلم لأن المسلم فيه معدوم في الأصل لكون
(٣٢٧)