في بعض رباع مكة وهرب ولم يعطهم اجرة فأدركوه فأخذوها منه، وذكر لأحمد فعل سفيان فتبسم فظاهر هذا انه أعجبه قال ابن عقيل وهذا الخلاف في غير مواضع المناسك. اما بقاع المناسك كموضع المسعى والرمي فحكمه حكم المساجد بغير خلاف (فصل) ومن بنى بمكة بآلة مجلوبة من غير ارض مكة جاز بيعها كما يجوز بيع أبنية الوقوف وانقاضها، وان كانت من تراب الحرم وحجارته انبنى جواز بيعها على الروايتين في بيع رباع مكة لأنها تابعة لها وهكذا تراب كل وقف وانقاضه قال احمد واما البناء بمكة فاني أكرهه قال إسحاق البناء بمكة على وجه الاستخلاص لنفسه لا يحل وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له الا تبني لك بمنى بيتا فقال " منى مناخ من سبق ".
{مسألة} (ولا يجوز بيع كل ماء عد كمياه العيون ونقع البئر ولا ما في المعادن الجارية من القار والملح والنفط ولا ما ينبت في ارضه من الكلأ والشوك ومن اخذ منه شيئا ملكه) الأنهار النابعة في غير ملك كالأنهار الكبار لا تملك بحال ولا يجوز بيعها، ولو دخل إلى ارض رجل لم يملكه بذلك كالطير فدخل إلى ارضه ولكل أحد اخذه وتملكه، الا ان يحتفر منه ساقية فيكون أحق بها من غيره، واما ما ينبع في ملكه كالبئر والعين المستنبطة بنفس النهر وارض العين مملوكة لمالك الأرض فالماء الذي فيها غير مملوك في ظاهر المذهب لأنه يجزي من تحت الأرض فأشبه الماء الجاري في النهر إلى ملكه وهذا أحد الوجهين لأصحاب الشافعي، والوجه الآخر يملك لأنه نماء الملك. وقد روي عن أحمد نحو ذلك فإنه قيل له قي رجل له ارض ولآخر ماء فيشترك صاحب الأرض وصاحب الماء في الزرع يكون بينهما؟ فقال لا بأس اختاره أبو بكر وهذا يدل من قوله على أن الماء مملوك لصاحبه، وفي معنى الماء المعادن الجارية في الاملاك كالقار والنفط والموميا والملح، وكذلك الحكم في الكلأ والشوك النابت في ارضه فكذلك كله يخرج على الروايتين في الماء، والصحيح ان الماء لا يملك فكذلك هذه وجواز بيع ذلك مبني على ملكه قال احمد: لا يعجبني بيع الماء البتة وقال الأثرم:
سمعت أبا عبد الله يسئل عن قوم بينهم نهر تشرب منه أرضوهم لهذا يوم ولهذا يومان يتفقون عليه الحصص فجاء يومي ولا احتاج إليه أكريه بدراهم؟ قال ما أدري اما النبي صلى الله عليه وسلم فنهى عن بيع الماء قيل له انه ليس يبيعه إنما يكريه قال إنما احتالوا بهذا ليحسنوه فأي شئ هذا الا البيع؟
وروى الأثرم باسناده عن جابر وإياس بن عبد الله ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى ان يباع وروى أبو عبيد والا ثرم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال " المسلمون شركاء في ثلاث في النار والكلأ والماء " فإن قلنا يملك جاز بيعه وان قلنا لا يملك فصاحب الأرض أحق به من غيره لكونه في ملكه فإن دخل غيره بغير اذنه فأخذه ملكه لأنه يباح في الأصل فأشبه ما لو عشش في ارضه طائر أو دخل إليها صيد أو نضبت عن سمك فدخل إليها داخل فأخذه {مسألة} (الا انه لا يجوز له الدخول إلى ملك غيره بغير اذنه) لأنه تصرف في ملك الغير بغير