مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥١٥
الصحيح قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل لا يجد الماء يتيمم لكل صلاة فقال (ع) لا هو بمنزلة الماء ويدل عليه أيضا سائر الأخبار الدالة على أنه أحد الطهورين وانه بمنزلة الماء فما في خبر أبي همام عن الرضا (ع) قال يتيمم لكل صلاة حتى يوجد الماء ورواية السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن ابائه عليهم السلام قال لا يتمتع بالتيمم الا صلاة واحدة ونافلتها اما مطروح واما مأول التاسع من كان بعض أعضائه مريضا لا يقدر على غسله بالماء للوضوء والغسل ولا مسحه ان كان مما يجب مسحه في الوضوء بل مطلقا حتى في المواضع التي يجب غسلها إذا لم يقدر على مسحه بالماء على وجه يتحقق به أقل ما يجزى مثل الدهن بل مطلقا في وجه قوى جاز له التيمم وكذلك لو كان بعض أعضائه نجسا يتعذر تطهيره ولا يتبعض عندنا الطهارة كما شهد بذلك مضافا إلى عدم الخلاف فيه بيننا على الظاهر ما في صحيح أبي بصير ان الوضوء لا يبعض وما دل على وجوب التيمم على الجنب الذي معه من الماء الغير الكافي لغسله وما ورد في حكم صاحب الجروح والقروح إلى غير ذلك مما يفهم منه وجوب التيمم في مثل هذه الفروض وعدم شرعية تبعيض الطهارة المائية الا تلفيقها مع الترابية فما عن الشافعي من أن من كان هذا شانه يغسل الأعضاء التي يقدر على غسلها ويتيمم من العضو المريض فيتلفق طهارته من المائية والترابية باطل وقد تقدم تفصيل الكلام وما يتعلق به من النقض والابرام في مبحث الجبيرة في باب الوضوء وعرفت في ذلك المبحث عدم المناقضة بين حكم الأصحاب في باب الوضوء والغسل بوجوب الجبيرة على صاحب الجروح والقروح والمكسور واطلاق حكمهم بجواز التيمم في المقام فراجع العاشر المشهور بين الأصحاب استحباب التيمم للنوم ولو مع التمكن من الماء بل في الحدائق الظاهر أنه لا خلاف في استحباب التيمم للنوم ولو مع وجود الماء * (أقول) * وكفى بكونه كذلك دليلا على استحبابه بعد البناء على المسامحة ويدل على أيضا ما رواه الصدوق والشيخ مرسلا عن الصادق (ع) قال من تطهر ثم آوى إلى فراشه بات وفراشه كمسجده فان ذكر انه على غير وضوء فتيمم من دثاره كائنا ما كان فان فعل ذلك لم يزل في صلاة وذكر الله وضعفه بالارسال مجبور بعمل الأصحاب كما أن قصوره عن الوفاء بعموم المدعى من حيث وروده في المحدث بالأصغر وظهوره في غير المعتمد ترك الوضوء مجبور بفهمهم مع امكان ان يدعى مساعدة العرف على التعميم بعد الالتفات إلى ابتناء الحكم على التوسعة والتسهيل بالغاء مثل هذه الخصوصيات كما يفصح عن ذلك منهم الأصحاب وكيف كان فمفاد هذه الرواية كفتاوى الأصحاب كون التيمم المأتى به لغاية النوم بعينه هو التيمم الذي جعله الله أحد الطهورين لا مهية أخرى أجنبية عنه مشابهة له في الصورة ولكن الشارع سهل الامر فيه بالتوسعة فيما يتيمم به وفيها يسوغه بالاجتزاء بأدنى عذر مثل الخروج من الفراش ونحوه فكأنه أراد به صورة العبادة لكونها نحوا من الانقياد وان لم يحصل به الطهارة الحقيقية التي يستباح بها الصلاة ونحوها وكيف كان فلا ينافي ذلك ما دل على اختصاص شرعية التيمم بغير المتمكن من الماء وخصوص ما رواه ابن بصير عن الصادق عليه السلام عن ابائه عن أمير المؤمنين عليه السلام لا ينام المسلم وهو جنب ولا ينام الا على طهور فإن لم يجد الماء فليتمم بالصعيد فان روح المؤمن تروح إلى الله عز وجل فيلقاها فإن كان اجلها قد حضر جعلها في مكنون رحمته وان لم يكن اجلها قد حضر بعث بها مع امنائه من الملائكة فيردها في جسده لكون المرسلة حاكمة على مثل هذه الأدلة وكذلك يجوز التيمم لصلاة الجنازة مع وجود الماء المتمكن من استعماله على المشهور بل عن الشيخ في الخلاف دعوى الاجماع على جوازه كذلك واحتج عليه بموثقة سماعة المضمرة قال سئلته عن رجل مرت به جنازة وهو على غير وضوء كيف يصنع قال يضرب بيده على الحائط اللبن يتيمم وقيده ابن الجنيد بخوف فوت الصلاة وعن ظاهر المرتضى في الجمل والشيخ في التهذيب والمبسوط والنهاية والاقتصار وأبى على وسلار والقاضي والراوندي والشهيد في الدروس موافقته وعن المصنف في المعتبر تقويته فإنه بعد ان نقل قول الشيخ بالجواز قال وفيما ذكره الشيخ اشكال اما الاجماع فلا نعلمه كما علمه واما الرواية فضعيفة من وجهين أحدهما ان زرعة وسماعة واقفيان والثاني ان المسؤول في الرواية مجهول فان التمسك باشتراط عدم الماء في جواز التيمم أصل ولان الرواية ليست صريحة في الجواز مع وجود الماء لاكن لو قيل إذا فاجائه الجنازة وخشي فوتها مع الطهارة تيمم لها كان حسنا لأن الطهارة لما لم تكن شرطا وكان التيمم أحد الطهورين فمع خوف الفوت لا بأس بالتيمم لان حال التيمم أقرب إلى شبه المتطهرين من الخالي منه انتهى أقول بعد البناء على المسامحة فلا اشكال بعد اشتهاره ونقل الاجماع عليه لكونه بنفسه حجة كافية حاكمة على ما دل على اشتراط عدم الماء في شرعية التيمم واما لو أغمضنا عن قاعدة التسامح فالأشبه ما ذكره ابن الجنيد من اختصاص شرعية بما إذا خاف فوت الصلاة واما الرواية فالمتبادر من موردها ليس الا ارادته عند خوف فوت المشايعة والصلاة عليها بتحصيل الوضوء لا لمجرد كونه هو الغالب في فرض المفاجئة بل لكون المنساق من السؤال ارادته في هذا الفرض ويدل على شرعيته عند خوف فوات الصلاة مع الطهارة أيضا مضافا إلى كونها من الغايات المستحبة التي يقتضيها عموم البدلية خصوص حسنة الحلبي أو صحيحته سئل أبو عبد الله (ع) عن رجل يدركه الجنازة وهو على غير وضوء فان ذهب يتوضأ فاتته الصلاة عليها قال يتيمم ويصلى وكيف كان فلا ينبغي الاستشكال في استحبابه ولو مع التمكن من استعمال الماء لكن لا يشرع في هذا الفرض ان يقصد بفعله استباحة سائر الغايات المشروطة بالطهور بل يأتي للغاية الخاصة بنية الندب ولا يجوز له الدخول به في غير ذلك من أنواع الصلاة وغيرها من الغايات المشروطة بالطهور كما هو واضح بعد ما عرفت من أن عمدة مستنده المسامحة بل وكذلك إذا تيمم للنوم مع تمكنه من استعمال الماء والله العالم قد فرغت من كتابة الركن الثالث من كتاب الطهارة في يوم الأحد رابع جمادى الثانية من سنه 1299 وانا العبد الاثم الجاني محمد رضا الهمداني عفى عنه مصنف هذا الكتاب وفقه الله تعالى بجاه محمد واله
(٥١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 510 511 512 513 514 515 516 517 518 519 520 ... » »»