التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ١٣٦
وأنا ان نحن ظهرنا رددنا هذا الامر إلى أهله، وان أصبنا فعلى نياتنا تائبين من ذنوبنا (1).
ولعل من المفيد ان نعود قليلا إلى الوراء، لنتلمس انعكاسات الحركة التوابية على الوضع العام في الكوفة، منذ أن خرجت من سريتها الحذرة إلى العلنية الجريئة، وأخذ قادتها يصعدون الموقف بخطبهم الملتهبة بعد موت يزيد بن معاوية. فقد اندفعت الجماهير إلى قصر الامارة وأطاحت بالأمير الأموي ونصبت مكانه أميرا آخرا يدين بالولاء للحزب الزبيري. وفي الحقيقة كان فضل التوابين ظاهرا في تهيئة الظروف أمام هذا الحزب لاستلام السلطة، وكان من الممكن لاي حركة سياسية، اضطلعت بهذا الدول، ان تتحول إلى شريك رئيسي في الحكم الزبيري حينئذ. ولكن حركة التوابين، كما عرفنا، كانت لها همومها البعيدة كل البعد عن استلام الحكم أو المشاركة فيه، أو حتى المباركة في أدنى الاحتمالات. لذلك كان تعاملهم مع نظام ابن الزبير تعاملا محدودا، وفي نطاق ما يوفره لهم من حرية التحرك وعدم إثارة المشاكل التي يمكن ان تعيقهم عن تحقيق ما التزموه بتنفيذه وما أخذوه على أنفسهم من ميثاق.

(1) الطبري: 7 / 72.
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»