التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ١٤٧
وبعد أن استكمل سليمان هذه الترتيبات العامة. وقف بين رفاقه خطيبا، ليضعهم نفسيا في أجواء المعركة التي دنت ساعتها. وكانت بمثابة تحليل لفكرة الخروج والغاية الأساسية التي انطلقوا في سبيلها وهي التوبة والغفران (1)، وتوضيح لمفهوم الحرب مستقي من تشريع علي، الامام ورأس الحزب الشيعي، الذي وضع مفاهيمه المثالية الأولى.
كما أشار فيها إلى موضوع القيادة وانتقالها - إذا أصيب - إلى نائبه المسيب ومنه إلى عبد الله بن سعد فعبد الله بن وال حتى آخر الخمسة القياديين، رفاعة بن شداد (2).
وأخيرا فان هذه الخطبة كانت انعكاسا صادقا لأخلاقية القيادة التوابية، المترفعة والمتمسكة بالمثل العليا حتى في ساحات القتال:... فقد أتاكم الله بعدوكم الذي دأبتم في المسير اليه آناء الليل والنهار تريدون فيما تظهرون التوبة النصوح ولقاء الله معذرين. فقد جاؤوكم بل جئتموهم أنتم في دارهم وحيزهم. فإذا ألقيتموهم فأصدقوهم واصبروا ان الله مع الصابرين... لا تقتلوا مدبرا ولا تجهزوا على جريح ولا تقتلوا أسيرا من أهل دعوتكم الا ان يقاتلكم بعد أن تأسروه أو يكون من قتلة إخواننا بالطف (3) رحمة الله

(1) الطبري: 7 / 74.
(2) الطبري: 7 / 74.
(3) المكان الذي استشهد فيه الحسين ورفاقه في كربلاء.
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»