التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ١٢٠
هذه الحملة النفسية التي قام بها المختار، لم يكن لها كبير أثر على جماعة التوابين الذين بلغوا من الاندفاع حدا بعيدا، وأصبح من المستحيل عليهم، التراجع أو التوقف عن الهدف الذي اقتنعوا به وآمنوا كل الايمان. وعلى العكس من ذلك فان نشاط المختار انقلب عليه، واشتدت مخاوف السلطة وأنصارها من تحركاته، حتى أن زبانية الحكم التي انتقل ولاؤها بسرعة مذهلة من النظام الأموي إلى نظام ابن الزبير، ثقل عليها وجود المختار في الكوفة فشكا نفر (1) منها خطورة هذا الرجل إلى عاملي المدينة بقوله: ان المختار أشد عليكم من سليمان بن صرد. ان سليمان انما خرج يقاتل عدوكم ويذله لكم وقد خرج عن بلادكم، وان المختار انما يريد أن يثبت في مصركم، فسيروا اليه وأوثقوه في الحديد وخلدوه في السجن حتى يستقيم أمر الناس (2).
وهكذا انتهى أمر المختار سجينا في الكوفة، ينتظر مرة أخرى من وراء قضبان السجن ما تؤول اليه الأمور وما تسفر عنه الاحداث.. ولعله أدرك ان الفرصة ستلوح له من جديد بعد التخلص من منافسة زعيم التوابين، حيث

(1) عمر بن سعد بن أبي وقاص، شبث بن ربعي، يزيد بن الحارث بن رويم. طبري 7 / 65، ابن الأثير 4 / 73.
(2) طبري: 7 / 65، ابن الأثير: 4 / 73.
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»