التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ١٢١
كان يتوقع الفشل الذريع لحركة هذا الأخير، فتخلو له الساحة حينئذ ويصبح الزعيم المنتظر لشيعة الكوفة. ولهذا لم يعد يتورع عن التصريح بين الحين والآخر، مباركا التحرك الذي يقوده سليمان والحث على اعلان الثورة والخروج من الكوفة. وفي سجنه كان المختار لا ينفك يردد على مسامع زائريه انه لن يتخلى مطلقا عما سعى اليه وجاء من أجله، أو يتوقف لحظة عن السير في حملته الانتقامية، التي كانت عصب دعوته الرئيسي في معاقبة المسؤولين عن دم الحسين، والمضي في ملاحقتهم أيا كانوا وفي أي أرض ذهبوا إليها أما ورب البحار، والنخيل والأشجار، والمهامة والقفار، والملائكة الأبرار، والمصطفين الأخيار، لأقتلن كل جبار بكل لدن خطار ومهند بتار في جموع من الأنصار ليسوا بميل أغمار ولا بعزل أشرار. حتى إذا أقمت عمود الدين وزايلت شعب صدع المسلمين وشفيت غليل صدور المؤمنين وأدركت بثأر أولاد النبيين، لم يكبر علي زوال الدنيا ولم أحفل بالموت إذا أتى (1).
فاز سليمان إذا في معركة الزعامة الشيعية ضد هذا المغامر الدخيل، الذي قدم من الحجاز باحثا عن الزعامة ومتعطشا إلى السلطة. وفي تلك الأثناء كانت الحركة التوابية تدخل مرحلتها الحاسمة والصعبة، وكان زعماؤها

(1) طبري 7 / 66، ابن الأثير 4 / 73، ابن كثير 8 / 250.
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»