شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٢٧٥
والعمل بما يقصد به العمل إذ هو شامل للحكمة النظرية بأقسامها أعني علم ما بعد الطبيعة وعلم الرياضي وعلم الطبيعي وللحكمة العملية بأقسامها أعني تهذيب الأخلاق وتدبير المنازل وسياسات المدن والظاهر أنه لا مدخل لأصول الرياضي في الدين والشارع لا يرغب فيها، وهي علم الهندسة الباحث عن المقادير وأحكامها ولواحقها وعلم الحساب الباحث عن أحوال العدد وخواصه، وعلم النجوم الباحث عن اختلاف أوضاع الأجرام العلوية بنسبة بعضها إلى بعض وبالنسبة إلى الأجرام السفلية وعن مقادير تلك الأجرام وأبعادها (1).
وعلم التأليف الباحث عن أحوال المؤلفة، وعلم الموسيقى الباحث عن تناسب الأصوات بعضها ببعض وكمية زمان سكناتها وحركاتها وكيفية إخراجها عن مواضعها، وكذا لا مدخل لفروعها فيه، مثل علم المناظر والمرايا وعلم الجبر والمقابلة وعلم جر الأثقال، وكذا لا مدخل فيه لأصول الطبيعي الباحثة عن الزمان والمكان والحركة والسكون والنهاية واللانهاية وعن الأجسام البسيطة والمركبة وكيفية حدوث الحوادث الهوائية والأرضية وعللها مثل الصاعقة والمطر والرعد والبرق والزلزلة وأمثالها، وكذا لا مدخل لفروعها فيه مثل الطب والفلاحة وغيرهما. والهوى مصدر هواه إذا أحبه واشتهاه ثم سمي به الهوى المشتهى محمودا كان أو مذموما ثم غلب على المذموم والمراد به هنا المعنى المصدري أعني اتباع المهويات الذميمة واقتفاء المشتهيات القبيحة. ووجه كون الحكمة من جنود العقل وأعوانه والهوى من جنود الجهل وأنصاره ظاهر إذ بالحكمة (2) يتنور قلب العاقل حتى يفهم المشروعات والمحظورات والمستحيلات ويبصر المقاصد الشرعية ويهتدي إلى وجوه المصالح الدنيوية والاخروية ويحصل له بذلك من القول والفعل والعقل حالة وثيقة وملكة شريفة لا

1 - ليس المراد بالحكمة المذكورة في هذا الموضع من الحديث علم الحكمة الاصطلاحي لإنه (عليه السلام) جعلها في مقابل الهوى ولو كان المراد العلم الاصطلاحي لجعله في مقابل الجهل أو السفاهة والغباوة وأمثالها وهذا هو الصحيح في الاحتجاج لا ما ذكره الشارح (رحمه الله) من أن الشارع لا يرغب في العلوم الرياضية كالنجوم إذ فيه مؤاخذتان الأولى أن الشارع رغب في علم النجوم وأمثاله بقوله (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار - إلى قوله - لآيات لقوم يعقلون) لأن فيها دلائل على التوحيد كما رغب في العلوم الطبيعة في آيات كثيرة وفي الطب والتشريح والجامع لذلك كله (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) والمؤاخذة الثانية أن كل شئ رغب فيه الشارع لا يجب حمل كل كلام عليه وظاهر كلام الشارح أن ما يتعلق من علم الحكمة الاصطلاحي بالإلهيات وعلم النفس وتهذيبها وبالجملة ما رغب فيها وهي غير العلوم الرياضية والطبيعة داخل في المراد (ش).
2 - يعني به علم الحكمة الإلهية فإن صاحب هذا العلم يعرف المشروع والمحظ بالحكمة العملية عرفانا جيدا مأخوذا من وجهه ودليله ويعرف المعقول من المستحيل بالحكمة النظرية مثل أن يد الله وعين الله بالمعنى الجسماني محال وأنه ليس في جهة ومكان وأن الكلام النفساني محال وأنه لا يجوز القبيح عليه تعالى كتقديم المفضول على الفاضل ويبصر المقاصد الشرعية أي يعرفها على بصيرة مثل أن الغرض من العبادة تهذيب النفس فيجتنب الرياء (ش).
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»
الفهرست