إذ هو حاضر، فيجعل تصادقهما بمنزلة استثناء عقد في الحال، وفي المسألة الأولى هو غائب فاعتبر الاختلاف.
والحاصل: أن التصحيح قد اختلف، فصحح قاضيخان عدم التحالف تبعا للفقيه أبي جعفر، وصحح في الكافي التحالف تبعا للهداية بناء على أن قول الهداية وهو أظهر بمعنى أصح. ونص محمد في الجامع الصغير أن القول للمأمور بيمينه، فمنهم من نظر إلى ظاهره فنفى التحالف، ومنهم من قال إنه أراد التحالف لكنه اكتفى بذكر يمين الوكيل لأنه مدع، ولا يمين عليه إلا في صورة التحالف فهو المقصود، لولا ذلك لكن القول للآمر لانكاره فيأخذ المبيع بما حلف عليه، ولم يذكر يمين الوكيل. كذا ذكروا.
واستشكل الزيلعي قول من قال إن مراده التحالف الخ بأنه وإن كان يدل على ما ذكروا من حيث المعنى لكن لفظه لا يدل على ذلك ولا على الأول، فإن قوله إن القول للمأمور بيمينه يدل على أن المأمور يصدق فيما قال، وفي التحالف لا يصدق واحد منهما، ولو كان مراده التحالف لما قال ذلك. قال المحبوبي قد شرح الجامع الصغير: وهذا فيما إذا اتفقا أنه أمره بالشراء بألف، فلو قال أمرتك بخمسمائة وقال المأمور بألف فالقول للآمر بيمينه لأنه الآمر فيه يستفاد ويلزم العبد المأمور لمخالفته، وإن برهنا فالبينة بينة الوكيل لكثرتها. كذا في النهاية والدراية.
قيل: يرد على ظاهره أن وضع المسألة فيما إذا لم يسم عند التوكيل الثمن، فكيف يقول المحبوبي هذا إذا تصادقا على الثمن عند التوكيل؟ وأجيب بأن التصادق في الثمن يخالف التحالف فيه، فيصور بأن يتفقا على تسمية ثمن معين وبأن يتفقا على عدم تسميته أصلا. وبالجملة فالتصادق على الثمن من حيث تسميته ومن حيث عدم تسميته، والثاني هو المراد في قول المحبوبي. كذا في المقدسي. قال في البحر: ولم يذكر ما إذا كانت قيمتها بينهما. ا ه.
أقول: والذي يفهم من عبارة ابن الكمال في الاصلاح: فإن أعطاه الألف صدق هو إن ساواه وإلا فالآمر، وإن لم يكن أعطاه الألف وساوى أقل منه صدق الآمر، وإن ساواه تحالفا. قوله: (فوقوع الاختلاف في الثمن) أي الحكمي لان بينه وبين الموكل مبادلة حكمية.
وفي الجامع: دفع إليه ألفا يشتري له أمة وأمره أن يزيد من عنده إلى خمسمائة فشرى أمة وقال شريتها بألف وخمسمائة وقال الآمر بألف، فإن برهن أحدهما قضى ببينته، وإن برهنا قضى ببينة الوكيل، وإن لم يكن لأحدهما بينة حلف كل على دعوى صاحبه ويبدأ بيمين الموكل، فإذا حلفا صارت الأمة أثلاثا ثلثاها للموكل وثلثها للوكيل.
فرع: في التتارخانية: دفع له ألف درهم وأمره أن يشتري بها عبدا بعينه فشراه ودفعه ثم اشتراه الوكيل من البائع فزاده ثوبا وقبله، قيل يقسم الألف على قيمة العبد وقيمة الثوب، فما أصاب الثوب لزم المشتري رده للموكل فكأنه شراه مع ثوب بألف، فالعبد نافذ على الآمر والثوب على المشتري بحصته. قوله: (ولو اختلف في مقداره) أي في تسمية مقداره: أي الثمن كما دل عليه التصوير، وهنا اتفقا على بيان شئ لكن الاختلاف في المقدار، بخلاف الصورة التي قبلها فإنه لم يبين فيها شئ من الثمن.