أبي السعود، لان العبد المأمور بشرائه إما أن يكون معيبا أو غير معين، وكل على وجهين: إما أن يكون الثمن منقودا أو غير منقود، وكل وجه على وجهين: إما أن يكون العبد حيا حين أخبر الوكيل بالشراء أو ميتا.
ثم قال: فحاصله أن الثمن إن كان منقودا فالقول للمأمور في جميع الصور ومنها حالة الهلاك والتعيب، وإن كان غير منقود ينظر، فإن كان الوكيل لا يملك الانشاء بأن كان ميتا فالقول للآمر، وإن كان يملك الانشاء فالقول للمأمور عندهما. وكذا عند أبي حنيفة في غير موضع التهمة، وفي موضع التهمة القول للآمر. ا ه فلا فرق عندهما في أن القول للمأمور إذا كان يملك الانشاء بين أن يكون الموضع موضع تهمة أو لا.
فإن قلت بماذا تثبت التهمة، قلت بالرجوع إلى أهل الخبرة، فإن أخبروا أن الثمن يزيد على القيمة زيادة فاحشة تثبت وإلا فلا.
أقول: ولعل المراد بموضع التهمة ما إذا كان بعد التعيب فتأمل. قوله: (فهلك) الصواب إسقاطه لمنافاته لقوله الآتي وهي حي كما في الشرنبلالية، لكنه تبع فيه صاحب الدرر وصدر الشريعة.
قوله: (وهو حي قائم) لا حاجة إليه أيضا لان المأمور يدعي هلاكه فكيف يقال وهو حي، فالقول للمأمور، إلا أن يقال أراد أنه قائم من كل وجه ليحترز به عما إذا حدث به عيب أو أبق فإنه كالهلاك كما في البزازية تأمل. قوله: (فالقول للمأمور) أي مع يمينه يعقوبية. قوله: (لاخباره عن أمر يملك استئنافه) بجعل الشراء للموكل ولا تهمة فيه، لان الوكيل بشراء شئ بعينه لا يملك شراءه لنفسه بمثل ذلك الثمن في حال غيبته على ما مر كما في البحر.
قال المقدسي: فالمخبر به في التحقق والثبوت يستغني عن إشهاد فصدق كقوله لمطلقته في العدة راجعتك، وبهذا وقع التقضي عن المولى إذا أقر على موليته بالنكاح حيث لا يثبت عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى ا ه. ولأن من ملك الانشاء ملك الاقرار. قوله: (وإن ميتا) أي كان العبد ميتا.
قال العلامة أبو السعود: وهذه مسألة الكتاب، نظر السيد الحموي بأن مسألة الكتاب تشمل موت العبد وحياته وقت قول المأمور اشتريته للآمر كما في البحر، فإن كان ميتا أخبر عن أمر لا يملك استئنافه، وإن كان حيا فهو يدعي حق الرجوع على الآمر وهو ينكره، ولا خلاف في الأول أنه على التفصيل المذكور، وفي الثاني الاختلاف، فقال الامام: هو كذلك على التفصيل. وقالا: القول للمأمور وإن لم يكن الثمن منقودا. قوله: (فكذلك الحكم) أي يكون القول للمأمور مع يمينه لأنه أمين يريد الخروج عن عهدة الأمانة فيقبل قوله. قوله: (وإلا) أي وإن لم يكن الثمن منقودا والحال أن العبد ميت إذ الكلام فيه، أما لو كان حيا فقد تقدم الكلام فيه وأن القول فيه قول المأمور سواء كن الثمن منقودا أو لا. قوله: (فالقول للموكل) يعني أن المأمور يريد استحقاق الرجوع بالثمن عليه، والقول قول الأمين فيما ينفي بها لضمان عن نفسه لا فيما يستحق به الرجوع على غيره، بل القول قول الآمر لأنه ينكر استحقاق الرجوع، بل إنما يكون أمينا فيما دفع إليه بطريق الأمانة، وما لم يقبضه لا يسمى أمينا بالنظر إليه.