لماذا يجعل إعتاقا في حق العبد ومفيدا للملك في حق صاحبه؟
وحاصله: ما أشار إليه من الجواب أن ذلك لا يستقيم لأنه يلزم منه استعمال اللفظ الواحد وهو الصيغة الصادرة في معناه المجازي وهو الاعتاق، ومعناه الحقيقي وهو ثبوت الملك لهما.
والحاصل: أنه يعتق على الأب نصيبه لأنه ملك ذا رحم محرم منه، وقد حصل العتق بعد تحقق الشراء من الأب والأجنبي. وأما شراء العبد نفسه من سيده كلا أو بعضا فقد جعله الشرع إعتاقا، فشراء الآخر وقع على مبعض فبطل. قوله: (ففعل) أشار به إلى أنه يتم بقول المولى بعت، ولا يحتاج إي قول العبد قبلت بعد قوله بعني نفسي لأنه إعتاق، فيستبد به المولى بناء على أن الواحد يتولى طرفي العقد وفي العتق والنكاح، وهذا إنما يظهر لو كان وقع الشراء للعبد، أما إذا كان الشراء للآمر فلا بد من قبول العبد لأنه بيع فلا ينعقد إلا بالايجاب والقبول. وعلى كل من الوجهين فيكون الثمن في ذمة العبد، أما إذا وع الشراء له فظاهر، وأما إذا وقع للآمر فلانه هو المباشر للعقد فترجع الحقوق إليه فيطالب بالثمن ويرجع به هو على الآمر. أفاده العيني. قوله: (فهو للآمر) لان العبد يجوز توكيله في شراء نفسه، لأن الشراء يقع على ماليته وهو أجنبي عن نفسه من حيث المالية، وليس للبائع حبس العبد لاخذ الثمن لان العبد في يد نفسه، والمبيع إذا كان في يد الوكيل بالشراء حاضرا في مجلس العقد لا يكون للبائع حق حبسه، لأنه بالعقد يصير مخليا بينه وبين المشتري فكان قابضا بالشراء. حموي. قوله:
(فالرد للعبد) لان الوكيل أصل في الحقوق والرد منها، إذ لو كان محجورا فقد صار مأذونا بهذا العقد حيث رضي به سيده فترجع الحقوق إليه.
وفيه: أن الوكيل إذا أضاف العقد إلى الموكل تتعلق الحقوق بالموكل، وتقدم أن من جملة الحقوق الخصومة في العيب، فهي هنا تتعلق بالامر دون العبد، فتأمل. قوله: (وإن لم يقل لفلان) بأن قال بعني نفسي أو أطلق بأن قال بع نفسي. أما الأول فلانه قبول للعتق لان بيعه من نفسه إعتاق معني، وإن كان بيعا لفظا فلم يقع امتثالا. وأما الثاني فلان المطلق يصلح لذا ولذا فلا يقع امتثالا بالشك فبقي لنفسه لا بعقد البيع والشراء ط. قوله: (لأنه أتى بتصرف آخر) هذا جواب عما يقال: المأمور بشراء معين لا يملكه لنفسه. فأجاب بأن ذاك إذا لم يخالف، وأما هنا فقد خالف لأنه أتى بصيغة توجب العتق لا الملك. قوله: (وعليه الثمن فيهما) أي بدل العتق في الصورة الثانية والثمن في الصورة الأولى، لان الحقوق ترجع إليه لما بينه بقول لزوال حجره الخ أما الأولى فلكونه وكيلا يرجع بما دفع على الآمر، وأما الثانية فلكونه أصيلا. قوله: (لزوال حجره) جواب سؤال مذكور في الدرر، وهو أن العبد إذا كان محجورا عليه لا ترجع الحقوق إليه. قلنا: زال الحجر هنا بالعقد الذي باشره مقترنا بإذن المولى، وهذا إنما يظهر في المسألة الأولى، ولله در الشارح حيث علل في منع المسألة المتقدمة بلزوم الجمع بين الحقيقة والمجاز، وقال: وعليه الثمن فاستعمله في حقيقته ومجازه. فإن قال: أردت به عموم المجاز. فنقول: يمكن أن يراد في المسألة الأولى ذلك، بل الجواب الصحيح ما ذكرناه من التعليل.