عن الوكيل والموكل. على أن ما في الأشباه في الوكيل وفي مسألتنا لم يبق وكيلا لما علمت، وحينئذ فلا حاجة إلى هذه العبارة. ونص عبارة الأشباه: الوكيل يقبل قوله بيمينه فيما يدعيه، إلا الوكيل بقبض الدين إذا ادعى بعد موت الموكل أنه كان قبضه في حياته ودفعه له فإنه لا يقبل قوله إلا ببينة كما في فتاوى الولوالجية من الوكالة، وقد ذكرناه في الأمانات، وفيما إذا ادعى بعد موت الموكل أنه اشترى لنفسه وكان الثمن منقودا، وفيما إذا قال بعد عزله بعته أمس وكذبه الموكل: وفيما إذا قال بعد موت الموكل بعته من فلان بألف درهم وقبضتها وهلكت وكذبه الورثة في البيع فإنه لا يصدق إن كان المبيع قائما بعينه، بخلاف ما إذا كان مستهلكا الكل من الولوالجية من الفصل الرابع في اختلاف الوكيل مع الموكل. ا ه.
قال المحشي الحموي: أقول وأما ورثة الوكيل فنص عليهم قارئ الهداية في فتاويه بعد نحو أربع ورقات مع بقية ورثة الامناء، وذكرها المصنف في فتاويه في الكراس الأخير مما عند كاتبه. وقد سئل شيخ مشايخنا شيخ الاسلام نور الدين علي بن غانم المقدسي في الوكيل بعد عزله: هل يقبل قوله في الدفع لموكله أم لا؟ وهل يقبل قوله في الدفع لموكله بعد موته فيفرق في ذلك بين العزل الحكمي والحقيقي أم لا؟ وهل قول العمادي في فصوله ولو كان الموكل هو الميت بطلت: أي الوكالة، فإن قال قد كنت قبضت في حياة الموكل ودفعت إليه لم يصدق في ذلك لأنه أخبر عما لا يملك إنشاءه فكان متهما في إقراره، وقد انعزل بموت الموكل، ومثله في الخلاصة صحيح يعتمد عليه إفتاء وقضاء أو لا.
وقد ذكر العمادي في موضع أنه يقبل قول الوكيل بعد الموت: أعني موت الموكل حيث قال:
ولو وكله بقبض وديعة أو عارية فمات الموكل فقد خرج الوكيل عن الوكالة، فإن قال الوكيل: قد كنت قبضتها في حياته ودفعتها إلى الموكل يصدق في ذلك، وتأتي المسألة بعد ذلك إن شاء الله تعالى، ثم ذكر ما قدمناه من عدم تصديق الوكيل بعد موت موكله، فهل يمكن التوفيق بين هذين الفرعين أم لا؟
وهل إذا فرق بينهما بكون الأول في الدين والثاني في الوديعة يكون الفرق صحيحا؟ فأجاب: هذا السؤال حسن، وقد كان يختلج بخاطري كثيرا أن أجمع في تحريره كلاما يزيح إشكالا ويوضح مراما، لكن الوقت الآن يضيق عن كمال التحقيق، فنقول وبالله التوفيق: التأمل في مقالهم والتفحص لأقوالهم يفيد أن الوكيل بعد العزل يقبل قوله في بعض المواضع دون البعض، فمما يفيد عدم قبول قوله لو قال الموكل ببيع عبد مثلا لوكيله قد أخرجتك عن الوكالة فقال: قد بعته أمس لم يصدق، لأنه حكى عقدا لا يملك إنشاءه للحال، نظير ما لو قال لمطلقته بعد انقضاء العدة كنت راجعتك فيها لا يصدق، ومما يفيد القبول قولهم في الفرع المذكور: لو مات الموكل وقال ورثته لم تبعه وقال الوكيل إن كان العبد هالكا.
قالوا: لان بهذا الاخبار لا يريد إزالة ملك الورثة بل ينكر وجوب الضمان بإضافة البيع إلى حالة الحياة والورثة يدعون الضمان بالبيع بعد الموت فيكون القول للمنكر. وأما العزل الحكمي والحقيقي فمعلوم، والفرق بينهما بأن الحقيقي يتوقف على علم الوكيل بخلاف الحكمي، وأما ما ذكره في الفصول العمادية فلا خفاء أن أحد المحلين في الوديعة والآخر في الدين.
وقد استشكله صاحب جامع الفصولين بقياس أحدهما على الآخر، لكن الحكم مصرح به