أجاب العيني عن الاشكال بأن الوكيل نائب، فإذا حضر الأصيل فلا يعتبر النائب ا ه.
وتعقبه الحموي بأن الوكيل نائب في أصل العقد أصيل في الحقوق، وحينئذ فلا اعتبار بحضرة الموكل، ومما يتضح به تزييف جواب العيني ما ذكره هو نفسه عند قول المصنف: وللمشتري منع الموكل عن الثمن من أن الموكل أجنبي عن العقد وحقوقه لأنها تتعلق بالعاقد على ما بينا. كذا أفاده أبو السعود وذكر في الحواشي السعدية أنه توارد مع الزيلعي في هذا الاشكال، ثم نقل عبارة الزيلعي، وقال: وعليك بالتأمل، وبه علمت أن ما ذكره الشارح: أي العيني في غير محله.
أقول وبالله التوفيق: الذي يقطع عرق الاشكال من أصله ما قدمه الشارح عن الجوهرة والمصنف في منحه من أن المعتمد أن العهدة على آخذ الثمن لا العاقل لو حضرا في أصح الأقاويل، وما ذكره العيني مبني على القول الآخر من أنه لا عبرة بحضرته وهو ما مشى عليه في المتن سابقا، فتنبه. قوله:
(ولو صبيا) أتي بالمبالغة لأنه محل توهم حيث لا ترجع الحقوق إليه. قال المصنف: والمستحق بالعقد قبض العاقد وهو الوكيل، فيصح قبضه وإن كان لا تتعلق به الحقوق كالصبي والعبد المحجور عليه، ولذا أطلقه في المختصر تبعا للكنز وغيره. قوله: (فيبطل العقد) تفريع على الأصل المذكور. كذا قاله صاحب الهداية والكافي وسائر المتأخرين. درر. قوله: (بمفارقة صاحبه) أي مفارقة الوكيل صاحبه وهو العاقد، منح. قوله: (والمراد بالسلم الاسلام) بأن يوكل رب السلم شخصا يدفع رأس السلم إلى المسلم فيه. قوله: (لا قبول السلم) بأن يوكل المسلم إليه من يقبض له رأس مال السلم، لان الوكيل إذا قبض رأس المال بقي المسلم فيه في ذمته وهو مبيع، ورأس المال ثمنه وقد وكل في قبضه، ولا يجوز أن يبيع الانسان ماله بشرط أن يكون الثمن لغيره كما في بيع العين، وإذا بطل التوكيل كان الوكيل عاقدا لنفسه فيجب المسلم فيه في ذمته ورأس المال مملوك له، وإذا أسلمه إلى الآمر على وجه التمليك منه كان قرضا. ا ه. نعم يجوز توكيل المسلم إليه بدفع المسلم في. قوله: (لأنه لا يجوز) نقله في البحر عن الجوهرة، وعبارتها: بأن وكله يقبل له السلم، وعبارة الهداية: ومراده التوكيل بالاسلام دون قبول السلم.
قال الرملي: وقد تواردت الشراح وغيرهم على هذا. قال في العناية: واعترض بأن قبول السلم عقد يملكه الموكل، فالواجب أن يملكه الوكل حفظا للقاعدة المذكورة عن الانتقاض، وبأن التوكيل بالشراء جائز لا محالة، والثمن يجب في ذمة الموكل والوكيل مطالب به فلم لا يجوز أن يوكل المال للمسلم إليه والوكيل مطالب بتسليم المسلم فيه؟ وأجاب عن الايرادين بجوابين ردهما الرملي، ثم قال:
ويختلج في صدري جواب لعله يكون صحيحا إن شاء الله تعالى، وهو أنه لما اختلف العلماء كما قرروه في الملك، هل يثبت للموكل ابتداء أو للوكيل ثم ينتقل للموكل أثر هذا الاختلاف في المحل شبهة، فأوجب عدم الجواز فيما القياس فيه المنع مطلقا احتياطا إذ العقود الفاسدة مجراها مجرى الربا والامر المتوهم في الربا كالمحقق في مسألة بيع الزيتون بالزيت، فعدم جواز التوكيل من المسلم إليه لما فيه من بيع المسلم فيه قبل القبض عند من يقول: إنه ينتقل من الوكيل للموكل، ولاحتماله عند القائل بثبوته ابتداء للموكل، لأنه مجتهد فيه وهو محل الاحتمال، والفاسد ملحق بالربا والربا يثبت بالشبهة والتوهم ا ه.