الوجوب، والعلامة هي ما يعرف الوجود به من غير تعلق وجوب ولا وجود به.
ونص فخر الاسلام وأبو زيد وشمس الأئمة على أن الاحصان علامة لا شرط، وأثبتوا مدعاهم بوجهين، وذهب المتقدمون من أصحابنا وعامة المتأخرين أنه شرط علامة، بدليل أن وجوب الحد يتوقف عليه بلا عقلية تأثير له في الحكم ولا إفضاء إليه. وهذا شأن الشرط. واختاره المحقق ابن الهمام في تحريره ونصره، وأجاب عن الوجهين بما لا مزيد عليه، هذا ثم كونه شرطا محضا إنما هو بالنسبة إلى التزكية لمقابلته بها. تدبر. قوله: (لأنه شرط) والشرط يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود، ولا عدم فلا يلزم من كونه محصنا أنه يرجم، وإنما يرجم بفعله الزنا بشرط أن يكون محصنا فكان المتسبب في رجمه هم شهود الزنا فيلزمهم الضمان برجوعهم.
رحمتي. قوله: (بخلاف التزكية) أي إذا رجع الشهود عنها فإنهم يضمنون. قوله: (لأنها) أي التزكية علة، إذ العلة الباعث على الشئ المؤثر في وجوده، فكان تزكيتهم ملجئة للقاضي على الحكم فيضمنون بالرجوع كما تقدم، لكن الأولى أن يقول علة العلة، لان العلة الشهادة عند القاضي والتزكية إعمال لها، لان القاضي لا يعمل بها، فصارت في معنى علة العلة، إلا أن يقال: إنه عند وجود العلة لا يضاف الحكم إلا إليهما.
والحاصل: أنه إذا اجتمع شهود التزكية مع شهود الزنا ورجعوا جميعا فالضمان على شهود التزكية، لان الحكم يضاف إليها فكانت علة فيه، وإذا اجتمع شهود الزنا مع شهود الاحصان فرجعوا فالضمان على شهود الزنا لا الاحصان، لأن علة الحكم الشهادة والاحصان شرط كما ذكره الأكثر لتوقف وجوب الحد عليه. قوله: (والشرط) عطف على الاحصان، وظاهره أن المصنف مال إلى قول من قال: إن الاحصان علامة لا شرط، على خلاف ما فسره الشارح بأنه شرط على ما اختاره صاحب البحر تبعا للأكثر. واختار البزدوي: أن الشرط ما ليس بعلة فشمل السبب فلا ضمان على شهود التفويض بل على شهود الايقاع، وعلى كل فقد اتفقوا على عدم تضمين شهود الاحصان كالشرط، فلو شهد شهود بالزنا وآخران أن الزاني محصن فرجم، أو شهدا بتعليق عتق وطلاق وآخران بوقوع الشرط ثم رجعوا، فضمان الدية وقيمة القن ونصف المهر ليس إلا على شهود الزنا، والتعليق إذ شهادتهم على العلة، وهذا بالاتفاق. أما لو رجع شهود الشرط وحدهم ففيه الاختلاف، ولذا قال: ولو وجدهم على الصحيح.
قال في الكافي: ولو رجع شهود الشرط وحدهم يضمنون عند البعض، لان الشرط إذا سلم عن معارضة العلة صلح علة، لان العلل لم تجعل عللا بذواتها فاستقام أن يخلفها الشرط، والصحيح أن شهود الشرط لا يضمنون. بحال نص عليه في الزيادات، وإلى هذا مال شمس الأئمة السرخسي، وإلى الأول فخر الاسلام البزدوي. شرنبلالية. قوله: (قال) أي العيني، وضمن شهود الايقاع: أي لو قامت بينة أنه فوض إليها الطلاق وأخرى أنها أوقعته ثم رجعتا كان الضمان على بينة الايقاع فقط لان العلة. قوله: (لا التفويض) أي تفويض الطلاق إلى المرأة أو تفويض العتق إلى العبد، وشهد آخران أنها