وقال في باب الوكالة في الدين: لو وكله بتقاضي كل دين ثم حدث له دين بعد ذلك فهو وكيل في قبضه، ولو وكله بقبض غلة أرضه وثمرتها كان له أن يقبض ذلك كل سنة اه.
وقال في باب قبض العارية والوديعة: ولو وكله بقبض عبد عند رجل فقتل العبد خطأ كان للمودع أن يأخذ القيمة من عاقلة القاتل، وليس للوكيل أن يقبض القيمة لأنها كالثمن، ولو كان الوكيل قبض العبد فقتل عنده كان له أن يأخذ القيمة، وهو الآن بمنزلة الأول، ولو جنى على العبد جناية قبل أن يقبضه الوكيل فأخذ المستودع أرشها فللوكيل أن يقبض العبد دون الأرش، وكذا لو كان المستودع أجره بإذن مولاه لم يأخذ الوكيل أجره، وكذا مهر الأمة إذا وطئت بشبهة ولو وكله بقبض أمة أو شاة فولدت كان للوكيل أن يقبض الولد مع الام، ولو كانت ولدت قبل أن يوكله بقبضها لم يكن له أن يقبض الولد، وكذلك ثمرة البستاني بمنزلة الولد ا ه.
قال في البدائع: وأما ركن التوكيل فهو الايجاب والقبول، فالايجاب من الموكل أن يقول وكلتك بكذا أو فعل كذا أو أذنت لك أن تفعل كذا ونحوه. وزاد في الهندية: لو قال شئت بيع كذا فسكت وباع جاز، ولو قال لا أقبل بطل. كذا في محيط السرخسي ا ه. إذا قال لغيره إن لم تبع عبدي هذا فامرأتي كذا يصير ذلك الغير وكيلا بالبيع. كذا في الذخيرة.
رجل قال لغيره: سلطتك على كذا فهو بمنزلة قوله وكلتك.
في المحيط البرهاني: إذا قال الرجل لغيره أحببت أن تبيع عبدي هذا أو قال هويت أو قال رضيت أو قال شئت أو قال أردت أو قال وافقني فهذا توكيل وأمر بالبيع ا ه. ولو قال لغيره أنت وكيلي بقبض هذا الدين يصير وكيلا، وكذا لو قال أنت جريي، وكذا لو قال أنت وصيي في حياتي، ولو قال أنت وصيي لا يكون وكيلا.
والقبول من الوكيل أن يقول قبلت وما يجري مجراه، فما لم يوجد لم يتم، ولهذا لو وكل إنسانا بقبض دينه فأبى أن يقبض ثم ذهب فقبض لم يبرأ الغريم لأنه ارتد بالرد. قال في الهندية: وقبول الوكيل ليس بشرط الصحة الوكالة استحسانا، ولكن إذا رد الوكيل الوكالة ترتد. هكذا ذكر محمد رحمه الله تعالى. كذا في الذخيرة.
ثم الركن: قد يكون مطلقا وقد يكون معلقا بشرط نحو إن قدم زيد فأنت وكيلي في بيع هذا العبد، وقد يكون مضافا إلى وقت بأن يوكله في بيع هذا العبد غدا، ويصير وكيلا في الغد وما بعده لا قبله. ا ه.
فإن قلت: فما الفرق بين التوكيل والارسال، فإن الاذن والامر توكيل كما علمت؟
قلت: الرسول أن يقول له أرسلتك أو كن رسولا عني في كذا، وقد جعل منها الزيلعي في باب خيار الرؤية أمرتك بقبضه، وصرح في النهاية فيه معزيا إلى الفوائد الظهيرية أنه من التوكيل، وهو الموافق لما في البدائع، إذ لا فرق بين افعل كذا وأمرتك بكذا. كذا في البحر. لكن قدم في باب خيار الرؤية نقلا عن الفوائد جعل الامر من ألفاظ الرسالة لا من ألفاظ التوكيل، وسيأتي في باب الوكالة بالخصومة أنه ليس بتوكيل، فتدبر.
وفيه أيضا: واعلم أنه ليس كل أمر يفيد التوكيل فيما أمر به. ففي الولوالجية: دفع له ألفا وقال