التوكيل إلا بتفويض أو نص. وحاصل الجواب أن الوكيل يملك التصرف لغيره لا لنفسه ح.
فإن قلت: أنه يوكل بإذن مع أنه لا يصدق عليه التعريف يجاب بأنه إذا وكل بإذن صار الوكيل الثاني وكيلا عن الموكل الأول والموكل الأول يباشر لنفسه، وأورد على هذا القيد الأب والوصي إذا وكلا في مال الصبي فإنه يصح مع أنهما يتصرفان فيه لغيرهما فراجع، ويرد عليه الاستقراض، فإنه يجوز أن يباشره لنفسه لا لغيره، ولا يجوز أن يوكل فيه غيره كما تقدم بيانه مفصلا.
والجواب: أن عقد القرض لا يفيد الملك بمجرده، بل لا بد من القبض أيضا، فلو صح التوكيل به لكن توكيلا بقبض ما لم يملك للموكل، وهو لا يجوز. وفي معين المفتي: يشكل على الأصل المذكور أنه لا يجوز توكيل الأب أنه يزوج بنته الصغيرة بأقل من مهر المثل كما في القنية.
أقول: لا إشكال، فإنه لم يوكله بأن يزوجها بأقل من مهر مثلها، وإنما وكل بتزويجها فزوجها بأقل من مهر مثلها كما هو صريح عبارة القنية، فتأمل، وأورد أيضا أن المأذون بالنكاح يباشره لنفسه، ومع ذلك ليس له أن يوكل غيره وأجيب بأنه وكيل عن سيده في العقد. قوله: (فشمل الخصومة) تفريع على قوله بكل ما يباشره وهو أولى من قول الكنز بكل ما يعقده لشموله العقد وغيره كالخصومة والقبض كما في البحر. قوله: (فصح بخصومة) هي في لغة الجدل والخصم المخاصم والجمع خصوم وقد يكون للجمع والاثنين والمؤنث. وفي الشرع: الجواب بنعم أو لا، وفسرها في الجوهرة بالدعوى الصحيحة أو الجواب الصريح. قوله: (في حقوق العباد) شمل بعضها معينا وجميعها كما في البحر، وفيه عن منية المفتي: ولو وكله في الخصومة له لا عليه فله إثبات ما للموكل، فلو أراد المدعى عليه الدفع لم يسمع وإذ أثبت الحق على الموكل لم يلزمه ولا يحبس عليه، ولو كان وكيلا عاما لأنها لم تنتظم الامر بالأداء، ولا الضمان.
فالحاصل: أنها تتخصص بتخصيص الموكل وتعمم بتعميمه، ولا يقبل من الوكيل بينة على وكالته من غير خصم حاضر، ولو قضى بها صح لأنه قضاء في مختلف فيه. وفيه عن البزازية: ولو وكله بكل حق هو له وبخصومته في كل حق له ولم يعين المخاصم به والمخاصم فيه جاز ا ه. وتمامه فيه.
قوله: (برضا الخصم) أطلق فيه فشمل الطالب والمطلوب كما شملها الموكل والشريف والوضيع. قال الامام قاضيخان: التوكيل بالخصومة لا يجوز عند أبي حنيفة سواء كان التوكيل من قبل الطالب أو من قبل المطلوب ا ه.
قال في البزازية: وأصله أن التوكيل بلا رضا الخصم من الصحيح المقيم طالبا كان أو مطلوبا وضيعا أو شريفا إذا لم يكن الموكل حاضرا في مجلس الحكم لا يصح عند الامام: أي لا يجبر خصمه على قبول الوكالة وعندهما والشافعي يصح أي يجبر على قبوله وبه أفتى الفقيه، وقال العتابي وهذا هو المختار وبه أخذ الصفار انتهى ويأتي تمامه.
أقول: ويقول أبي حنيفة أفتى الرملي قائلا، وعليه المتون واختاره غير واحد والمحبوبي والنسفي وصدر الشريعة وأبو الفضل المعلى ورجح دليله في كل مصنف فلزم العمل به ولا سيما في هذا الزمان الفاسد كما في الخيرية.
أقول: لكن العمل الآن على صحة التوكيل وإن لم يرض به الخصم وبه صدر أمر السلطان نصره الرحمن كما في 1516 من المجلة. قوله: (وجوازه بلا رضاه) قال في الهداية: ولا خلاف في الجواز