النصف، وعن الكرخي الربع، وعن عيسى بن أبان الثلث. والأصح أن المذكور في المبسوط جواب القياس، والمذكور في الجامع جواب الاستحسان. كذا في محيط السرخسي. قوله: (لا شهود الأصل الخ) قال المصنف في وجهه: لأنهم أنكروا السبب وهو الاشهاد، وذلك لا يبطل القضاء لأنه خبر يحتمل الصدق والكذب، فصار كرجوع الشاهد بعد القضاء لا ينقض به الشهادة لهذا، بخلاف ما إذا أنكروا الاشهاد قبل القضاء لا يقضي بشهادة الفرعين كما إذا رجعوا قبله. فتح. قوله: (أو أشهدناهم وغلطنا) أي فلا ضمان عليهم وهذا قولهما، وقال محمد: يضمنون لان الفروع نقلوا شهادة الأصول، فصار كأنهم حضروا وشهدوا ثم حضروا ورجعوا، ولهما أن القضاء لم يقع بشهادتهم، بل وقع بشهادة الفروع لان القاضي يقضي بما يعاين من الحجة، وهي شهادتهم، وهذا الاختلاف مبني على أن الشهادة على الشهادة إنابة وتوكيل عندهما، وعنده تحميل، وأكثر الشروح صرحوا بأن الفروع نقلوا نيابة هنا وفي المسألة الآتية، ومن ذلك رجحوا قولهما على قوله لأنهم لو كانوا نائبين عنهم في الشهادة لما كان لهم ذلك بعد المنع، ثم الخلاف في هذه المسألة في إنكار الاشهاد وعدم الضمان فيه اتفاقي، لأنهم لم يرجعوا وإنما أنكروا التحميل كما في الشروح. قوله: (وكذا لو قالوا رجعنا) أي فالحكم كذلك عندهم على الاختلاف بالطريق الأولى، إذ الغلط يستلزم الرجوع دون العكس كما لا يخفى فقوله: غلطنا اتفاقي. قوله: (لعدم إتلافهم) ولأن القضاء وقع بشهادة الفروع لان القاضي يقضي بما يعاين من الحجة وهي شهادتهم، خلافا لمحمد فإنه يقول يضمن الأصول كما لو أدوها بأنفسهم ثم رجعوا. قوله: (فلا ضمان) لان ما أمضى من القضاء لا ينتقض بقولهم، فلا يجب الضمان عليهم لأنهم ما رجعوا عن شهادتهم إنما شهدوا عن غيرهم بالرجوع قوله: (ولو رجع الكل) أي الأصول والفروع. قوله: (ضمن الفروع فقط) أي عندهما، لان سبب الاتلاف الشهادة القائمة في مجلس القضاء إذا وجد من الفروع وعند محمد: المشهود عليه مخير بين تضمين الفروع وتضمين الأصول، لان القضاء وقع بشهادة الفروع من حيث إن القاضي عاين شهادتهم، ووقع بشهادة الأصول من حيث إن الفروع نائبون عنهم نقلوا شهادتهم بأمرهم. درر. وأشار بقوله: لان القضاء الخ إلى أنه لا تجانس بين شهادتي الفريقين، فيجعل كل منهما كالفريق المنفرد من ذلك لم يجمع بينهما في التضمين، وأي ضمن لم يرجع على الآخر كما في الشروح، واعترض عليه بأن الفروع مضطرون بالأداء بعد التحمل يأثمون بالامتناع، ولا علم لهم بحال الأصول، فكان ينبغي أن لا يضمنوا إلا إذا علموا أنهم غير محقين وشهدوا ثم رجعوا، وأيضا أنهم لو اعترفوا بعد التحميل ورجعوا، بناء على ذلك ينبغي أن يضمنوا، وإن قالوا رجعنا تبعا للأصول لأنهم رجعوا عما حملونا ونحن تبعناهم ينبغي أن لا يضمنوا.
أقول: الجواب عن الأول: أن الحكم أضيف إلى شهادة الفروع، وظاهر حالهم أنهم محقون فيها، فاللازم عليهم أن لا يرجعوا سواء رجع أصولهم أو لم يرجعوا، فلما رجعوا توجه الضمان إليهم فلا خفاء فيه. وعن الثاني: بأن التعارض وقع بين خبري الأصول، وقد قوي خبرهم الأول باتصال القضاء إليه بواسطة أداء الفروع إياه على طريق الشهادة، فظاهر حالهم أن لا يتبعوا خبرهم الثاني، مع