على عاقلتهما كما قاله في الفتح، لان الشهادة بمنزلة الاقرار والعاقلة لا تعقل الاتلاف بالاقرار كما في المنبع. وذكر في السراجية الدية التي تكون على الشاهدين تكون في مالهما في ثلاث سنين ولا كفارة عليهما، ولا يحرمان الميراث بأن كانا ولدي المشهود عليه فإنهما يرثانه ا ه. فظهر أن ما في الفتح من أن الدية تكون على عاقلتهما ضعيف، بل خلاف الصواب كما أفاده المولى عبد الحليم. قوله: (وورثاه) أي ورث الشاهدان المشهود عليه لكانا وارثين له لما تقدم عن السراجية، ولما سيأتي في الجنايات من أن القتل بسبب لا يمنع الميراث لعدم قتل المتسبب حقيقة. قوله: (ولم يقتصا) أي من الشاهدين عندنا.
وقال الشافعي: يقتص منهما لوجود القتل تسببا فأشبه المكره بل أولى لان الولي يعان على الاستيفاء والمكره يمنع عن القتل ولا يعان عليه، لان الشاهد بمنزلة المكره بكسر الراء والولي بمنزلة المكره بفتح الراء. قوله: (لعدم المباشرة) بل المباشر اختيار ولي الدم، لان القتل مباشرة لم يوجد، وكذا تسببا لان السبب ما يفضي إليه غالبا، ولا يفضي لان العفو مندوب إليه، بخلاف المكره لأنه يؤثر حياته ظاهرا، ولأن الفعل الاختياري مما يقطع النسبة ثم أقل من الشبهة وهي دارئة للقصاص، بخلاف المال لأنه يثبت مع الشبهات. قوله: (ولو شهدا بالعفو) بأن قالا: إن ولي المقتول عفا من القاتل فحكم القاضي بشهادتهما ثم رجعا لم يضمنا شيئا.
قال في الهندية: في الباب الحادي عشر في المتفرقات: إذا شهد شاهدان على رجل أن عفا عن دم خطأ أو جراحة خطأ أو عمدا فيها أرش وقضى القاضي بذلك ثم رجعا عن شهادتهما ضمنا الدية وأرش تلك الجراحة، وتكون الدية عليهما في ثلاث سنين، وما بلغ من أرش الجراحة خمسمائة فصاعدا إلى ثلث الدية ففي سنة، وما زاد إلى الثلثين ففي سنة أخرى، وما كان أقل من خمسمائة ضمناه حالا، وإن كانت الدية وجبت حالا ولم يؤخذ منها شئ وشهد شاهدان أنه أبرأه منها وقضى بالبراءة ثم رجعا ضمنا ذلك حالا. كذا في الحاوي. ا ه. قوله: (لان القصاص ليس بمال) فإذا لم يكن مالا يضمن الشهود عندنا كما تقدم. قوله: (وضمن شهود الفرع برجوعهم) لان الشهادة في مجلس القضاء صدرت منهم، فكان التلف مضافا إليهم وبنى الحكم عليها فكان التلف مضافا إليهم.
وفي المحيط: شهدا على شهادة أربعة وآخرون على شهادة شاهدين وقضى ثم رجعوا فعلى شاهدي الأربعة ثلثا الضمان وعلى الآخرين الثلث عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: على الفريقين نصفان. وأجمعوا على أنه إذا شهد شاهدان على شهادة شاهدين وشهد أربعة على شهادة شاهدين فقضى القاضي به ثم رجعوا إن الضمان على الفريقين نصفان، هكذا في المحيط: إذ شهد شاهدان على شهادة شاهدين على رجل بألف درهم وشهد آخران على شهادة شاهد واحد بذلك الألف بعينه وقضى القاضي بالألف بالشهادتين جميعا ثم رجع كواحد من الفريق الأول وواحد من الفريق الثاني كان عليهما ثلاثة أثمان المال: الثمنان على أحد الأولين، والثمن على أحد الآخرين، ولو لم يرجع إلا أحد الأولين كان عليه ربع الحق، ولو رجع الآخران مع الأولين ضمنوا نصف المال يكون نصفه على الراجع من الأولين ونصفه على الآخرين. كذا في الذخيرة ولو شهد كل فريق على شهادة شاهدين، ورجع واحد من هذا وواحد من ذلك ضمنا ثمنين ونصفا. وذكر في المبسوط