وإن كان لا بد لثبوت ملك المشتري من بقائه، لأن الشراء آخرهما وجودا وهو سبب موضوع للملك، حتى لا يتحقق لو لم يوجبه فيكون مضافا إلى الشراء وهو ثابت بالبينة، أما هنا فثبوت ملك الوارث مضاف إلى كون المال ملكا للميت وقت الموت لا إلى الموت، لأنه ليس سببا موضوعا للملك، بل عنده يثبت إن كان له مال فارغ. والله سبحانه وتعالى أعلم ا ه. قوله: (بشهادة إرث) بأن ادعى الوارث عينا في يد إنسان أنها ميراث أبيه وأقام شاهدين فشهدا أن هذه كانت لأبيه لا يقضى له حتى يجرا الميراث بأن يقولا مات وتركه ميراثا للمدعي كما تقدم وكما صوره الشارح. قوله: (ميراثا للمدعي) أي أو ما يقوم مقامه من إثبات يده أو يد نائبه عند الموت أيضا وهو ما أشار إليه المصنف بقوله: إلا أن يشهد بملكه الخ. قوله: (بملكه) أي المورث، قوله: (عند موته) لا بد من هذا القيد كما علمت، وكان ينبغي ذكره بعد الثلاثة، يؤيده ما في البزازية حيث قال: شهد أن هذه الدار كانت لجده لا تقبل لعدم الجر، ولو شهدا على إقرار المدعى عليه أنها كانت لجده يقبل، ثم ذكر أن قولهم كانت في يده كهذا، وجعل في الخانية الدين كالعين أنه كان لأبي المدعي على المدعى عليه كذا فتجوز. وذكر شيخنا أن قولهم كانت لأبيه ليس بجر، وظاهر تعليل الشارح الآتي أن قوله: عند موته قيد للشهادة باليد أيضا، وأنت خبير أنه بالأولى بل صريحه حيث قال لان الأيدي عند الموت الخ.
وفي البدائع: شهدوا أنه مات وهو ساكن في هذه الدار تقبل، وعند أبي يوسف لا. ومراد الشارح أن الجر يكون صريحا كالمثال الذي ذكره وحكميا فيما استثنى. قوله: (أو يده) إنما كان ذلك مثبتا، لان الظاهر من حال المسلم في ذلك الوقت أن يسوي الأسباب، ويبين ما كان بيده من المغصوب والودائع، فإذا لم يبين فالظاهر من حاله أن ما في يده ملكه فتجعل اليد عند الموت دليل الملك. قوله: (أو يد من يقوم مقامه) قال في الدرر: يعني إذا مات رجل فأقام وارثه بينة على دار أنها كانت لأبيه أعارها أو أودعها الذي هي في يده فإنه يأخذها ولا يكلف البينة أنه مات وتركها ميراثا له بالاتفاق. أما عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى فإنه لا يوجب الجر في الشهادة. وأما عندهما فلان قيام اليد عند الموت يغني عن الجر وقد وجدت، لان وجه المستعير والمودع يد المعير والمودع ا ه. وشمل هذا الأمين وغير كالغاصب والمرتهن. قوله: (لان الأيدي) أي أيدي الواضعين أيديهم على شئ، وهذا تعليل للاستغناء بالشهادة على يد الميت عن الجر، وبيان ذلك أنه إذا أثبت يده عند الموت: فإن كانت يد ملك فظاهر لأنه أثبت ملكه، أو أن الانتقال إلى الوارث فيثبت الانتقال ضرورة كما لو شهدا بالملك، وإن كانت يد أمانة فكذلك الحكم لان الأيدي في الأمانات عند الموت تنقلب يد ملك بواسطة الضمان إذا مات مجهلا لتركه الحفظ، والمضمون يملكه الضامن على ما عرف فيكون إثبات اليد في ذلك الوقت إثباتا للملك، وترك تعليل الاستغناء بالشهادة على يد من يقوم مقامه لظهوره، لان إثبات يد من يقوم مقامه إثبات ليده فيغني إثبات الملك وقت الموت عن ذكر الجر فاكتفى به عنه. أفاده سيدي الوالد رحمه الله تعالى. قوله: (تنقلب) أي تصير يد ملك، إذ لو كانت لغيره لبينه في الوقت الذي يصدق فيه الكذوب ويرجع فيه العاصي، لان الظاهر من حال المسلم في ذلك الوقت: أي وقت الموت كذلك، وأن يسوي أسبابه ويبين ما كان بيده في الودائع والغصوب، فإذا لم يبين فالظاهر من