تكملة حاشية رد المحتار - ابن عابدين ( علاء الدين ) - ج ١ - الصفحة ٥١٣
يفهم منه أن ما لم يجهل منها يعمل بما علم منها، وذلك العلم قد لا يكون بمشاهدة الواقف بل بالتصرف القديم، وبه صرح في الذخيرة حيث قال: سئل شيخ الاسلام عن وقف مشهور اشتبهت مصارفه وقدر ما يصرف إلى مستحقيه قال: ينظر إلى المعهود من حاله فيما سبق من الزمان من أن قوامه كيف يعملون فيه وإلى من يصرفونه، فيبني على ذلك لان الظاهر أنهم كانوا يفعلون ذلك على موافقة شرط الواقف وهو المظنون بحال المسلمين فيعمل على ذلك اه‍. فهذا عين الثبوت بالتسامع. وفي الخيرية: إذا كان للوقف كتاب في ديوان القضاة المسمى في عرفنا بالسجل وهو في أيديهم اتبع ما فيه استحسانا إذا تنازع أهله فيه، وإلا ينظر إلى المعهود من حاله فيما سبق من الزمان من أن قوامه كيف كانوا يعملون، وإن لم يعلم الحال فيما سبق رجعنا إلى القياس الشرعي، وهو أن من أثبت بالبرهان حقا حكم له به اه‍. لكن قولهم المجهولة شرائطه الخ يقتضي أنها لو علمت ولو بالنظر إلى المعهود من حاله فيما سبق من تصرف القوام لا يرجع إلى ما في سجل القضاة، وهذا عكس ما في الخيرية، فتنبه لذلك.
أقول: ثم إن المراد من الشرائط والجهات كما وقع في عبارة الاسعاف وأوضحه الرملي أن يقول: إن قدرا من الغلة لكذا ثم يصرف الفاضل إلى كذا بعد بيان الجهة، وليس معنى الشروط أن يبين الموقوف عليه لأنه لا بد منه في إثبات أصل الوقوف كما تقدم آنفا. قال الرملي: والمراد بأصل الوقف أن هذه الضيعة وقف على كذا، فبيان المصرف داخل في أصل الوقف. أما الشرائط فلا يحل فيها الشهادة بالتسامع، وهو معنى قوله في فتح القدير: وليس في معنى الشروط أن يبين الموقوف عليه اه‍. ويأتي تمام الكلام عليه قريبا إن شاء الله تعالى.
تنبيه: قال في البحر: ومسألة الشهادة بالوقف أصلا وشروطا لم تذكر في ظاهر الرواية، وأنها قاسها المشايخ على الموت.
وقد اختلف فيها المشايخ: بعضهم قال يحل وبعضهم قال لا يحل، وبعضهم فصل كما سبق، ولكن نقل الشلبي عن شرح المجمع للمصنف في كتاب الوقف أن قبول الشهادة بالتسامع في أصل الوقف قول محمد، وبه أخذ الفقيه أبو الليث وهو المختار اه‍. قوله: (في بابه) أي باب الوقف في فصل يراعى شرط الواقف، وتقدم هناك تحقيقه في الحاشية، فراجعه. قوله: (هو كل ما تعلق به صحته) كأن يكون منجزا مسلما مجعولا آخره لجهة لا تنقطع ونحو ذلك مما ذكر في شروط صحته.
قال المصنف في الوقف: وبيان المصرف من أصله: أي لتوقف صحة الوقف عليه: أي فتقبل شهادة على المصرف بالتسامع كأصله، وكونه وقفا على الفقراء أو على مسجد كذا تتوقف عليه صحته، بخلاف اشتراط صرف غلته لزيد أو للذرية فهو من الشرائط لا من الأصل.
قال سيدي الوالد: ولعله هذا مبني على قول محمد باشتراط التصريح في الوقف بذكر جهة لا تنقطع، وتقدم ترجيح قول أبي يوسف بعدم اشتراط التصريح به، فإذا كان ذلك غير لازم في كلام الواقف فينبغي أن لا يلزم في الشهادة بالأولى لعدم توقف الصحة عليه عنده، ويؤيد هذا ما في الاسعاف والخانية: لا تجوز الشهادة على الشرائط والجهات بالتسامع اه‍. ولا يخفى أن الجهات هي بيان المصارف، فقد ساوى بينهما وبين الشرائط، إلا أن يراد بها الجهات التي لا يتوقف صحة الوقف عليها.
(٥١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 518 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 3
2 كتاب الصيد 18
3 كتاب الرهن 36
4 باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز 49
5 باب الرهن يوضع على يد عدل 63
6 باب التصرف والجناية عليه وجنايته على غيره 69
7 فصل في مسائل متفرقة 83
8 كتاب الجنايات 91
9 باب القود فيما دون النفس 117
10 باب الشهادة في القتل واعتبار حالته 136
11 كتاب الديات 143
12 باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره 164
13 باب جناية البهيمة والجناية عليها 175
14 باب جناية المملوك والجناية عليه 186
15 باب القسامة 201
16 كتاب المعاقل 218
17 كتاب الوصايا 226
18 باب الوصية بثلث المال 248
19 باب العتق في المرض 261
20 باب الوصية للأقارب وغيرهم 265
21 باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة 275
22 باب الوصي 284
23 كتاب الخنثى 315
24 كتاب الفرائض 349
25 باب العول 380
26 باب توريث ذوي الأرحام 386
27 باب المخارج 399
28 مطلب تقرير في النظر بلا علمه 460
29 مطلب الناظر وكيل في حياة الواقف وصي في موته 460
30 مطلب الاجر بقدر المشقة 472
31 كتاب الشهادات 474
32 باب القبول وعدمه 520
33 مطلب إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته 524
34 مطلب شهد أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الانف 552
35 باب الاختلاف في الشهادة 616
36 باب الشهادة على الشهادة 646
37 مطلب علم القاضي ليس بحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة اه‍ منه 652
38 مطلب في معنى قولهم الإساءة أفحش من الكراهة والكراهة أفحش من الإساءة 652
39 مطلب فلان بدون الألف واللام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم 652
40 باب الرجوع عن الشهادة 663
41 مطلب في علة العلة 688
42 كتاب الوكالة 691
43 مطلب يشترط العلم للوكيل بالتوكيل 693
44 مطلب مسألة القمقمة 716
45 باب الوكالة بالبيع والشراء 724
46 مطلب الجهالة ثلاثة أنواع 724
47 مطلب حادثة الفتوى 742
48 فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع ترد شهادته له 759
49 مطلب تفسير الخيرية 762
50 مطلب في حد الفاحش 767
51 مطلب الشركة مثل المضاربة في أن الأصل فيها الاطلاق 773
52 باب الوكالة بالخصومة والقبض 791
53 باب عزل الوكيل 813