الكلام. وإذا كان كذلك فيبقى تقدير الكلام تكارى دابة إلى بغداد بعشرة دراهم وأقر الآجر بقبض الأجرة ثم ادعى أنها زيوف أو ستوقة يقبل قوله في ذلك، وهذا خلاف ما ذكره شمس الأئمة في المبسوط، فإنه قال: إذا أقر باستيفاء الأجرة ثم قال وهي زيوف لم يقبل قوله، والحرف قد بيناه، وهو الموافق للفقه لأنه تناقض كلامه بعد ذلك والمناقض لا قول له، فكيف يقول في القنية القول له فهذا والله أعلم سهو، فإنه زيف كلام المبسوط وما يقوله محمد إلى آخره، فالذي يجب أن يعمل به هو ما ذكره في المبسوط: أعني في هذه الصورة الخاصة. وأما بقية الصور فكلها موافقة لما ذكره في المبسوط.
فإذا تقرر لنا هذا في الإجارة والأجرة عديناه إلى استيفاء الأثمان في البياعات والديون في المعاملات، فإن العلة تجمع الكل فنقول: إذا دفع إليه دراهم وهي عن متاع ثم جاء البائع وأراد أن يرد عليه شيئا يزعم أنه مردود في المعاملات بين الناس وأنكر المشتري أن ذلك من دراهمه التي دفعها، فلا يخلو إما أن يكون البائع أقر بقبض الثمن أولا، فإن أقر بقبض الثمن لم يقبل قوله في ذلك، ولا يلزم المشتري بأن يدفع عوض ذلك الرد، ولو اختار البائع يمين المشتري أنه ما يعلم أن هذا الرد من دراهمه التي أعطاها له ينبغي أن يجاب إلى ذلك ويحلفه القاضي على العلم، فإن حلف انقطعت الخصومة ولم يبق له معه منازعة، وإن نكل ينبغي أن يردها عليه لأنه أقر بما ادعاه بطريق النكول. وإن كان البائع لم يقر بقبض الثمن ولا الحق الذي على المشتري من جهة هذا البيع وإنما أقر بقبض دراهم مثلا ولم يقل هي الثمن ولا الحق، فإن في هذه الصورة يكون القول قول البائع لأنه منكر استيفاء حقه ولم يتقدم منه ما يناقض هذه الدعوى فيقبل قوله مع يمينه، هذا إذا أنكر المشتري أنها من دراهمه أيضا، وكذلك الديون أيضا ينبغي أن يكون الجواب فيها كالجواب في الاجر والثمن في باب البيع، وهذا كله إذا كان الذي يرده زيوفا أو نبهرجا، فإن كان ستوقا فلا يقبل قوله فلا يرده لأنه ناقض كلامه. أما في صورة إقراره بقبض الدراهم فظاهر لان الستوق ليس من جنس الدراهم وقد أقر بقبض الدراهم أولا ثم قال هي ستوقة فكان مناقضا، وكذلك في إقراره بقبض الأجرة أو الحق بل بالطريق الأولى. وعبارة المبسوط خالية عن ذكر الستوق وليس فيها ما يمنع ما قاله في القنية بل يوافقه من حيث المعنى. قوله:
(ثم ادعى أنها زيوف) عبر بثم ليفيد أن البيان إذا وقع مفصولا يعتبر فالموصول أولى بالاعتبار ا ه.
بحر. ومثله في الطحاوي عن المنح. وقيد بالزيوف للاحتراز عما إذا بين أنها ستوقة فإنه لا يصدق لان اسم الدراهم لا يقع عليها، ولذا لو تجوز بالزيوف والنبهرج في الصرف والسلم جاز، وفي الستوق لا إن كان مفصولا، وإن كان موصولا صدق كما في النهاية، وهي مسألة المتن.
والحاصل: أن ادعاءه إن موصولا صحيح في الكل سوى صورة الاقرار بقبض الجياد، وأن ادعاءه مفصولا في البواقي غير صحيح سوى صورة الاقرار بقبض عشرة دراهم، والزيف ما زيفه بيت المال: أي يرده. قوله: (أو نبهرجة) قال ط: صوابه بنهرجة بتقديم الباء على النون كما يستفاد من المغرب. أبو السعود عن الحموي. والزيف: ما زيفه بيت المال. والبنهرجة: ما يرده التجار. وقيل الزيوف هي المغشوشة، والبنهرجة هي التي تضرب في غير دار السلطان.
وفي الايضاح: الزيف: ما زيفه بيت المال لنوع قصور في جودته إلا أنه تجري فيه المعاملة بين التجار. والبنهرجة: ما يرده التجار لرداءة فضته. والستوقة: التي وسطها نحاس أو رصاص ووجهها فضة، وهي معرب منه توبه ا ه.