تكملة حاشية رد المحتار - ابن عابدين ( علاء الدين ) - ج ١ - الصفحة ٤٣٤
الكلام. وإذا كان كذلك فيبقى تقدير الكلام تكارى دابة إلى بغداد بعشرة دراهم وأقر الآجر بقبض الأجرة ثم ادعى أنها زيوف أو ستوقة يقبل قوله في ذلك، وهذا خلاف ما ذكره شمس الأئمة في المبسوط، فإنه قال: إذا أقر باستيفاء الأجرة ثم قال وهي زيوف لم يقبل قوله، والحرف قد بيناه، وهو الموافق للفقه لأنه تناقض كلامه بعد ذلك والمناقض لا قول له، فكيف يقول في القنية القول له فهذا والله أعلم سهو، فإنه زيف كلام المبسوط وما يقوله محمد إلى آخره، فالذي يجب أن يعمل به هو ما ذكره في المبسوط: أعني في هذه الصورة الخاصة. وأما بقية الصور فكلها موافقة لما ذكره في المبسوط.
فإذا تقرر لنا هذا في الإجارة والأجرة عديناه إلى استيفاء الأثمان في البياعات والديون في المعاملات، فإن العلة تجمع الكل فنقول: إذا دفع إليه دراهم وهي عن متاع ثم جاء البائع وأراد أن يرد عليه شيئا يزعم أنه مردود في المعاملات بين الناس وأنكر المشتري أن ذلك من دراهمه التي دفعها، فلا يخلو إما أن يكون البائع أقر بقبض الثمن أولا، فإن أقر بقبض الثمن لم يقبل قوله في ذلك، ولا يلزم المشتري بأن يدفع عوض ذلك الرد، ولو اختار البائع يمين المشتري أنه ما يعلم أن هذا الرد من دراهمه التي أعطاها له ينبغي أن يجاب إلى ذلك ويحلفه القاضي على العلم، فإن حلف انقطعت الخصومة ولم يبق له معه منازعة، وإن نكل ينبغي أن يردها عليه لأنه أقر بما ادعاه بطريق النكول. وإن كان البائع لم يقر بقبض الثمن ولا الحق الذي على المشتري من جهة هذا البيع وإنما أقر بقبض دراهم مثلا ولم يقل هي الثمن ولا الحق، فإن في هذه الصورة يكون القول قول البائع لأنه منكر استيفاء حقه ولم يتقدم منه ما يناقض هذه الدعوى فيقبل قوله مع يمينه، هذا إذا أنكر المشتري أنها من دراهمه أيضا، وكذلك الديون أيضا ينبغي أن يكون الجواب فيها كالجواب في الاجر والثمن في باب البيع، وهذا كله إذا كان الذي يرده زيوفا أو نبهرجا، فإن كان ستوقا فلا يقبل قوله فلا يرده لأنه ناقض كلامه. أما في صورة إقراره بقبض الدراهم فظاهر لان الستوق ليس من جنس الدراهم وقد أقر بقبض الدراهم أولا ثم قال هي ستوقة فكان مناقضا، وكذلك في إقراره بقبض الأجرة أو الحق بل بالطريق الأولى. وعبارة المبسوط خالية عن ذكر الستوق وليس فيها ما يمنع ما قاله في القنية بل يوافقه من حيث المعنى. قوله:
(ثم ادعى أنها زيوف) عبر بثم ليفيد أن البيان إذا وقع مفصولا يعتبر فالموصول أولى بالاعتبار ا ه‍.
بحر. ومثله في الطحاوي عن المنح. وقيد بالزيوف للاحتراز عما إذا بين أنها ستوقة فإنه لا يصدق لان اسم الدراهم لا يقع عليها، ولذا لو تجوز بالزيوف والنبهرج في الصرف والسلم جاز، وفي الستوق لا إن كان مفصولا، وإن كان موصولا صدق كما في النهاية، وهي مسألة المتن.
والحاصل: أن ادعاءه إن موصولا صحيح في الكل سوى صورة الاقرار بقبض الجياد، وأن ادعاءه مفصولا في البواقي غير صحيح سوى صورة الاقرار بقبض عشرة دراهم، والزيف ما زيفه بيت المال: أي يرده. قوله: (أو نبهرجة) قال ط: صوابه بنهرجة بتقديم الباء على النون كما يستفاد من المغرب. أبو السعود عن الحموي. والزيف: ما زيفه بيت المال. والبنهرجة: ما يرده التجار. وقيل الزيوف هي المغشوشة، والبنهرجة هي التي تضرب في غير دار السلطان.
وفي الايضاح: الزيف: ما زيفه بيت المال لنوع قصور في جودته إلا أنه تجري فيه المعاملة بين التجار. والبنهرجة: ما يرده التجار لرداءة فضته. والستوقة: التي وسطها نحاس أو رصاص ووجهها فضة، وهي معرب منه توبه ا ه‍.
(٤٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 3
2 كتاب الصيد 18
3 كتاب الرهن 36
4 باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز 49
5 باب الرهن يوضع على يد عدل 63
6 باب التصرف والجناية عليه وجنايته على غيره 69
7 فصل في مسائل متفرقة 83
8 كتاب الجنايات 91
9 باب القود فيما دون النفس 117
10 باب الشهادة في القتل واعتبار حالته 136
11 كتاب الديات 143
12 باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره 164
13 باب جناية البهيمة والجناية عليها 175
14 باب جناية المملوك والجناية عليه 186
15 باب القسامة 201
16 كتاب المعاقل 218
17 كتاب الوصايا 226
18 باب الوصية بثلث المال 248
19 باب العتق في المرض 261
20 باب الوصية للأقارب وغيرهم 265
21 باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة 275
22 باب الوصي 284
23 كتاب الخنثى 315
24 كتاب الفرائض 349
25 باب العول 380
26 باب توريث ذوي الأرحام 386
27 باب المخارج 399
28 مطلب تقرير في النظر بلا علمه 460
29 مطلب الناظر وكيل في حياة الواقف وصي في موته 460
30 مطلب الاجر بقدر المشقة 472
31 كتاب الشهادات 474
32 باب القبول وعدمه 520
33 مطلب إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته 524
34 مطلب شهد أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الانف 552
35 باب الاختلاف في الشهادة 616
36 باب الشهادة على الشهادة 646
37 مطلب علم القاضي ليس بحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة اه‍ منه 652
38 مطلب في معنى قولهم الإساءة أفحش من الكراهة والكراهة أفحش من الإساءة 652
39 مطلب فلان بدون الألف واللام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم 652
40 باب الرجوع عن الشهادة 663
41 مطلب في علة العلة 688
42 كتاب الوكالة 691
43 مطلب يشترط العلم للوكيل بالتوكيل 693
44 مطلب مسألة القمقمة 716
45 باب الوكالة بالبيع والشراء 724
46 مطلب الجهالة ثلاثة أنواع 724
47 مطلب حادثة الفتوى 742
48 فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع ترد شهادته له 759
49 مطلب تفسير الخيرية 762
50 مطلب في حد الفاحش 767
51 مطلب الشركة مثل المضاربة في أن الأصل فيها الاطلاق 773
52 باب الوكالة بالخصومة والقبض 791
53 باب عزل الوكيل 813