تكملة حاشية رد المحتار - ابن عابدين ( علاء الدين ) - ج ١ - الصفحة ٤٣٣
يكون القول قول القابض أو الدافع؟ وتحرير الكلام في ذلك ذكر في القنية. ص: تكارى دابة إلى بغداد بعشرة ودفعها إليه فلما بلغ بغداد رد بعضها وقال هي زيوف أو ستوقة، فالقول لرب الدابة لأنه ينكر استيفاء حقه والجياد فالقول له (1) هذه عبارة القنية.
وذكر في المبسوط قال: وإذا كان أجر الدار عشرة دراهم أو قفيز حنطة موصوفة وأشهد المؤجر أنه قبض من المستأجر عشرة دراهم أو قفيز حنطة ثم ادعى أن الدراهم نبهرجة أو أن الطعام معيب فالقول قوله لأنه ينكر استيفاء حقه، فإن ما في الذمة يعرف بصفة ويختلف باختلاف الصفة فلا مناقضة في كلامه، فاسم الدراهم يتناول النبهرج، واسم الحنطة يتناول المعيب، وإن كان حين أشهد قال قد قبضت من أجر الدار عشرة دراهم أو قفيز حنطة لم يصدق بعد ذلك على ادعاء العيب والزيف، كذلك لو قال استوفيت أجر الدار ثم قال وجدته زيوفا لم يصدق ببينة ولا غيرها لأنه قد سبق منه الاقرار بقبض الجياد، فإن أجر الدار من الجياد فيكون هو مناقضا في قوله وجدته زيوفا، والمناقض لا قول له ولا تقبل بينته، ولو كان ثوبا بعينه فقبضه ثم جاء يرده بعيبه فقال المستأجر ليس هذا ثوب فالقول قول المستأجر، لأنهما تصادفا على أنه قبض المعقود عليه فإنه كان شيئا بعينه ثم ادعى الآخر لنفسه حق الرد والمستأجر منكر لذلك فالقول قوله فإن أقام رب الدار البينة على المعيب رده سواء كان العيب يسيرا أو فاحشا على قياس البيع.
قلت: فتحرر لنا من كلام شمس الأئمة السرخسي أن المؤجر متى قال استوفيت أجر الدارهم ثم قال وجدت فيه زيوفا لم يقبل قوله ولا بينته، ولو قال قبضت من المستأجر كذا من الدراهم ولم يقل الأجرة ثم جاء وقال هذه الدراهم نبهرجة فالقول قوله، فصار جواب المسألة أن القابض متى أقر بقبض الحق ثم ادعى أنه زيوف لم يصدق لأنه ناقض كلامه، لان إقراره بقبض الحق إقرار بقبض الجياد، فإذا قال بعد ذلك هو زيوف أو بعضه فقد ناقض كلامه والمناقض لم يقبل قوله ولا بينته، بخلاف ما إذا قال قبضت عشرة دراهم مثلا ولم يقل من أجرة داري ثم ادعى أنها زيوف فإنه يقبل قوله، لأنه في القول الثاني منكر استيفاء الحق، وما سبق منه ما يناقض هذا القول فيكون القول قوله.
هذا خلاصة ما قاله في المبسوط. وأما ما ذكره في القنية ورمز له بالصاد وهي علامة كتاب الأصل فهو موافق لما قررناه، لأنه قال ودفعها إليه ولم يقل وأقر باستيفاء الأجرة، وفي هذه الصورة ليس القابض بمناقض في قوله فيقبل، وبقية ما ذكره في القنية هو من المبسوط فإنه رمز بسين وهو علامة المبسوط، ومعنى ما ذكره أنه إذا أقر بقبض الدراهم بأن قال مثلا قبضت منه عشرة دراهم ثم ادعى أنها زيوف صدق، ولو قال هي ستوقة لا يصدق، وذلك لأنه في الزيوف ما ناقض كلامه لان الزيوف من جنس حقه، وفي الستوقة ناقض كلامه لأنه أقر أولا بالدراهم وثانيا ادعى أنها ستوقة، والستوق ليس من الجنس فكان مناقضا على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى من تفسير الزيوف والستوق والنبهرج، وقوله وإن أقر (2) باستيفاء الأجرة الخ، هذا مشكل مخالف لما قاله في المبسوط مما نقلناه وسنبينه، فإنه قال: وإن أقر باستيفاء الأجرة إلى آخره هذا مشكل مخالف لما قاله إلى تقديره والمسألة بحالها حتى يتم

(1) قوله (والجياد فالقول له) هكذا بالأصل وليحرر.
(2) قوله (وقوله وإن أقر الخ) هكذا بالأصل ولتحرر هذه العبارة إلى آخره.
(٤٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 3
2 كتاب الصيد 18
3 كتاب الرهن 36
4 باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز 49
5 باب الرهن يوضع على يد عدل 63
6 باب التصرف والجناية عليه وجنايته على غيره 69
7 فصل في مسائل متفرقة 83
8 كتاب الجنايات 91
9 باب القود فيما دون النفس 117
10 باب الشهادة في القتل واعتبار حالته 136
11 كتاب الديات 143
12 باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره 164
13 باب جناية البهيمة والجناية عليها 175
14 باب جناية المملوك والجناية عليه 186
15 باب القسامة 201
16 كتاب المعاقل 218
17 كتاب الوصايا 226
18 باب الوصية بثلث المال 248
19 باب العتق في المرض 261
20 باب الوصية للأقارب وغيرهم 265
21 باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة 275
22 باب الوصي 284
23 كتاب الخنثى 315
24 كتاب الفرائض 349
25 باب العول 380
26 باب توريث ذوي الأرحام 386
27 باب المخارج 399
28 مطلب تقرير في النظر بلا علمه 460
29 مطلب الناظر وكيل في حياة الواقف وصي في موته 460
30 مطلب الاجر بقدر المشقة 472
31 كتاب الشهادات 474
32 باب القبول وعدمه 520
33 مطلب إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته 524
34 مطلب شهد أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الانف 552
35 باب الاختلاف في الشهادة 616
36 باب الشهادة على الشهادة 646
37 مطلب علم القاضي ليس بحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة اه‍ منه 652
38 مطلب في معنى قولهم الإساءة أفحش من الكراهة والكراهة أفحش من الإساءة 652
39 مطلب فلان بدون الألف واللام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم 652
40 باب الرجوع عن الشهادة 663
41 مطلب في علة العلة 688
42 كتاب الوكالة 691
43 مطلب يشترط العلم للوكيل بالتوكيل 693
44 مطلب مسألة القمقمة 716
45 باب الوكالة بالبيع والشراء 724
46 مطلب الجهالة ثلاثة أنواع 724
47 مطلب حادثة الفتوى 742
48 فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع ترد شهادته له 759
49 مطلب تفسير الخيرية 762
50 مطلب في حد الفاحش 767
51 مطلب الشركة مثل المضاربة في أن الأصل فيها الاطلاق 773
52 باب الوكالة بالخصومة والقبض 791
53 باب عزل الوكيل 813