لكن ذكر سيدي الوالد رحمه الله تعالى في حاشيته على البحر بعد ذكر نحو ما تقدم: قلت:
وسيأتي في الوكالة أن الوكيل بالخصومة يصح إقراره لو أقر عند القاضي لا عند غيره، ولكنه يخرج به عن الوكالة. وعند أبي يوسف: يصح إقراره مطلقا، لان الشئ إنما يختص بمجلس القضاء إذا لم يكن موجبا إلا بانضمام القضاء إليه كالبينة والنكول. ولهما: أن المراد بالخصومة الجواب مجازا، والجواب يستحق في مجلس الحكم فيختص به، فإذا أقر في غيره لا يعتبر لكونه أجنبيا فلا ينفذ على الموكل لكنه يخرج به عن الوكالة لان إقراره يتضمن أنه ليس له ولاية الخصومة اه.
والحاصل: أن اختصاصه بمجلس القاضي لكون لفظ الخصومة يتقيد به، وهنا ليس كذلك، فالذي يظهر ترجيح عدم اشتراط كون الكلامين في مجلس القاضي ا ه. قوله: (يرتفع بتصديق الخصم) أي بكلاميه المتناقضين.
مطلب: يرتفع المتناقض بقول المتناقض تركت قوله: (وبقول المتناقض تركت الأول الخ) أقول: فيه أنه حينئذ لا يبقى تناقض أصلا، لان كل متناقض يمكنه أن يقول ذلك، والظاهر أن هذا مخصوص بمسألة ما إذا ادعاه مطلقا ثم ادعاه بسبب الخ، فإذا قال ذلك قبل قوله: أما لو قال هذا ملك المدعى عليه ثم قال بل ملكي تركت الأول وادعى بالثاني فلا قائل به، ويرشدك لذلك. قوله: (تركت الأول الخ). ثم رأيت في البحر عن البزازية وصف المدعي المدعى، فلما حضر خالف في البعض أن ترك الدعوى الأولى وادعى الحاضر تسمع لأنها دعوى مبتدأة، وإلا فلا ا ه. وفيه أيضا وبرجوع المتناقض عن الأول بأن يقول تركته وادعى بكذا. قال سيدي الوالد في حاشيته عليه بعد كلام: وظاهر ما ذكره المؤلف في الاستحقاق: أي صاحب البحر، أن مسألة رجوع المتناقض بحث منه. ثم رأيت البزازي ذكر بعد ذلك في نوع في الدفع، وذكر القاضي ادعى بسبب وشهدا بالمطلق لا يسمع ولا تقبل لكن لا تبطل دعواه الأولى، حتى لو قال أردت بالمطلق المقيد يسمع كما مر إن برهن على أنه له.
وفي الذخيرة أيضا: ادعاه مطلقا فدفعه المدعى عليه بأنك كنت ادعيته قبل هذا مقيدا وبرهن عليه فقال المدعي أدعيه الآن بذلك السبب وتركت المطلق يقبل ويبطل الدفع ا ه ما في البزازية. قال الرملي: ربما يشكل عليه ما في البزازية وغيرها: ادعى على زيد أنه دفع له مالا ليدفعه إلى غريمه وحلفه ثم ادعاه على خالد وزعم أن دعواه على زيد كان ظنا لا يقبل، لان الحق الواحد كما لا يستوفى من اثنين لا يخاصم مع اثنين بوجه واحد ا ه. ووجه إشكاله أنه لما قال إن دعواه على زيد كان ظنا فقد ارتفع التناقض، والله تعالى أعلم. ذكره الغزي. وأقول: قد كتب فرقا في حاشيتي على جامع الفصولين بين فرع البزازي وفرع ذكره فراجعه، ويفرق ها هنا بأن فيما ذكره البزازي امتنع ارتفاع التناقض لتعلقه باثنين فلا تصح الدعوى لما ذكره من امتناع مخاصمة الاثنين في حق واحد، وهذا منتف في الواحد وهو محل ما في هذا الشرح فتدبر ا ه.
مطلب: يرتفع التناقض بقول المتناقض تركت قوله: (أو بتكذيب الحاكم) كما لو ادعى أنه كفل له عن مديونه بألف فأنكر الكفالة وبرهن الدائن أنه كفل عن مديونه وحكم به الحاكم وأخذ المكفول له منه المال، ثم إن الكفيل ادعى على