القراء في زمنه. ومنهم الشيخ عبد الرحمن الجمل المصري. ومنهم الشيخ أيوب المصري. ومنهم الشيخ الملا عبد الرزاق البغدادي أحد مشاهير علماء بغداد وأفاضلها. ومنهم الشيخ مصلح قاضي جنين. ومنهم الشيخ أحمد البزري قاضي صيدا. ومهم أخوه الشيخ محمد أفندي مفتيها. ومنهم الشيخ محمد أفندي الآتاسي مفتي حمص وأخوه أمين فتواه. ومنهم الشيخ أحمد سليمان الأروادي وغيره ممن يطول ذكرهم ولا يحصى عددهم من أفاضل وأعيان، فإنهم انتفعوا به وأخذوا عنه وعليه تخرجوا.
مات رحمه الله تعالى ضحوة يوم الأربعاء الحادي والعشرين من ربيع الثاني سنة 1252، وكانت مدة حياته قريبا من أربع وخمسين سنة، ودفن بمقبرة في باب الصغير في التربة الفوقانية، لا زالت سحائب الرحمة تبل ثراه في الكبرة والعشية، وكان قبل موته بعشرين يوما قد اتخذ لنفسه القبر الذي دفن فيه، وكان فيه بوصية منه لمجاورته لقبر العلامتين: الشيخ العلائي شارح التنوير والشيخ صالح الجينيني إمام الحديث ومدرسه تحت قبة النسر، وهذا مما يدل على حبه للشارح العلائي، لا سيما، وقد حشى له شرحيه على الدر والملتقى وشرحه على المنار، وسماني باسمه وأرخ ولادتي على ظهر كتابه الدر المختار في ليلة الثلاثاء لثلاثة مضين من شهر ربيع الثاني، 1244 رحمه الله تعالى العزيز الغفار، وقد مدحه بقصيدة وهي قوله:
علاء الدين يا مفتي الأنام * جزاك الله خير على الدوام (1) لقد أبرزت للفتيا كتابا * مبينا للحلال وللحرام لقد أعطيت فضلا لا يضاهي * وعلما وافرا كالصب طام فكنت به فريد العصر حتما * كمثل البدر في وفن التمام وكان بك الزمان خصيب عيش * رطيبا ذا حبور وابتسام وفاق بدرك المختار عقد * لفقه أبي حنيفة ذو انتظام بألفاظ ترين الصعب سهلا * ومطروحا على طرف الثمام إذا ما قلت قولا قيل فيه * على قول إذا قالت حذام صغير الحجم حاوي الجل مما * تنقح في ربى الكتب العظام فكل الصيد في جوف الفرا إن * تقل ذا لست تخشى من ملام حوى اسما قد أتي طبق المسمى * وما تأتي كذا كل الأسامي وكانت له جنازة حافلة ما عهد نظيرها، حتى أن جنازته رفعت على رؤوس الأصابع من تزاحم الخلق، وخوفا من وقوعها وإضرار الناس بعضهم بعضا حتى صار حاكم البلدة وعساكره يفرقون الناس عنها، وصار الناس عموما يبكون نساء ورجلا كبار وصغارا وصلى عليه في جامع سنان باشا، وعض بهم المسجد حتى صلوا في الطريق، وصلى عليه إماما بالناس الشيخ سعيد الحلبي، وصلى عليه غائبة في أكثر البلاد، ولم يترك أولادا ذكورا غير هذا الحقير العاجز الفقير الملتجي إلى عناية مولاه القدير جامع هذه التكملة، جعلها الله تعالى خالصة لوجهه الكريم، ورحم الله تعالى روحه، ونور مرقده وضريحه، وجزاء الله تعالى عني وعن المسلمين خيرا، نفعني به وبعباده الصالحين في الدنيا والآخرة.