القتال لأعداء الاسلام، أو التداوي لدفع الآلام، فهو المحل للخلاف بين علماء الأنام. قوله: (وصح بيع غير الخمر) أي عنده خلافا لهما في البيع والضمان، لكن الفتوى على قوله في البيع، وعلى قولهما في الضمان إن قصد المتلف الحسبة وذلك يعرف بالقرائن، وإلا فعلى قوله كما في التتارخانية وغيرها.
ثم إن البيع، وإن صح لكنه يكره كما في الغاية، وكان ينبغي للمصنف ذكر ذلك قبيل الأشربة المباحة فيقول بعد قوله: ولا يكفر مستحلها: وصح بيعها وتضمن الخ كما فعله في الهداية وغيرها، لان الخلاف فيها لا في المباحة أيضا، إلا عند محمد فيما يظهر مما يأتي من قوله بحرمة كل الأشربة ونجاستها، تأمل. قوله: (مما مر) أي من الأشربة السبعة. قوله: (ومفاده الخ) أي مفاد التقييد بغير الخمر، ولا شك في ذلك لأنهما دون الخمر وليسا فوق الأشربة المحرمة فصحة بيعها يفيد صحة بيعها فافهم قوله: (عدم الحل) أي القيام المعصية بعينها. وذكر ابن الشحنة أنه يؤدب بائعها وسيأتي قوله: (وتضمن هذه الأشربة) يعني المحرمة منها. قوله: (عن تملك عينه) أي المثل. وفي بعض النسخ (تمليك). قوله: (وإن جاز فعله) قال الإتقاني في كتاب الغصب: يعني أنا قلنا بضمان السكر والمصنف بالقيمة لا بالمثل، لان المسلم يمنع عن ذلك، ولكن لو أخذ المثل جاز لعدم سقوط التقوم والمالية قوله:
(بخلاف الصليب الخ) ذكر الزيلعي هذه العبارة في كتاب الغصب وهي مرتبطة بما قبلها من ضمان آلات اللهو صالحة لغير اللهو.
قال الإتقاني في الغصب: أي هذا الذي ذكرناه في ضمان الطبل ونحوه من أن قيمتها تجب غير صالحة لهذه الأشياء، بخلاف صليب النصراني حيث تجب قيمته صليبا لأنا قررناهم على هذا الصنيع فصار كالخمر. قوله: (ونحوهما) كالتمر والزبيب والعنب، فالمراد الأشربة الأربعة التي هي حلال عند الشيخين إذا غلت واشتدت، وإلا فلا تحرم كغيرها اتفاقا. قوله: (وبه يفتى) أي بقول محمد، وهو قول الأئمة الثلاثة لقوله عليه الصلاة والسلام: كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام رواه مسلم، وقوله عليه الصلاة والسلام: ما أسكر كثيره فقليله حرام رواه أحمد وابن ماجة والدارقطني وصححه قوله:
(غيره) كصاحب الملتقى المواهب والكفاية والنهاية والمعراج وشرح المجمع وشرح درر البحار والقهستاني والعيني، حيث قالوا: الفتوى في زماننا بقول محمد لغلبة الفساد. وعلل بعضهم بقوله لان الفساق يجتمعون على هذه الأشربة ويقصدون اللهو والسكر بشربها.